الدستور والحوض الشرقي وسَنة التعليم
حبذا لو سخَّرتْ معارضتُنا المحترمةُ وقتَها الثمينَ لِــمَا هو أهمُّ وأنفعُ من الإنشغال بما تعتبره ” نوايا الرئيس محمد ولد عبد العزيز المبيتة لتعديل الدستور”. وحبذا لو لو رفض أهلنا فى الحوض الشرقي أن يُساقوا فُرادَى وجماعات لاستنشاق الغبار والدخان المنبعثيْن من أخفاف وحوافر وأظلاف الدواب والأنعام وعوادم السيارات التي ستثير النقع لاستقبال الرئيس وحاشيته فى زيارة جديدة للشرق الموريتاني، الذي قلَّ أن يزوره رئيسٌ إلا فى أوقات الشدة الإنتخابية.
وحبذا لو تكرَّم الرئيس محمد ولد عبد العزيز فأطْلَعنا على التقويم السنوي الذي يعتمده، حتى نعرف متى ستبدأ سنة التعليم التي قال إنها سنة 2015، وقد انصرم منها حتى الآن 72 يوما، بالتقويم الميلادي، و 22 يوما بالتقويم الصيني، وبالمناسبة، هذه السنة عند الصينيين تُسمى سنة الخَروف. ++++++++++++++++++++++++++++++ المعارضة لن تمنع الرئيس من تغيير الدستور، لأنه سيفعل ذلك – إن أراد ودون استشارتها طبعا– وسوف يبرر فعلته إما : استلهاما من معلمه فى ” التغيير فى ظل الإستقرار”، أو لحاجته – شخصيا- لمزيد من الوقت لـــــــ ” إكمال برنامجه الإنتخابي “، أو إذعانا منه لـــــ “ضغط شعبي”، يراهن على أن سكان الحوض الشرقي سيُطلقون شرارته الأولى ، وبكل اللغات، بما فيها اللغة الهندية. يحز فى النفس أن تظل ولاية الحوض الشرقي الغنية بتعداد سكانها ومواردها الطبيعية،و المأهولة بالعلماء والمشائخ والفضلاء والأطر السامين و أحفاد أبطال المقاومة والنضال “حديقة خلفية” لكل رئيس يشد إليها الرحال ليُطلق منها وُعوداً لا تجلب لأهل (النعمة) نِعمة جديدة ، ولا تجود على ساكن (بوسطيله) بما يملأ وِعاءه أو وعاءَ أخيه، و لا تُعِينُ من كان (عدَّل بقْرُ) على حفظ موجوده، وتقلب ظهر المجن لسكان (اظْهرْ)، وهلم جراًّ… ومنذ قيام “الدولة الإنتخابية” لم يخشَ “رؤساء انواكشوط” يوما صولة (بوقادوم)، ولا بَرَكَة (المبروك)، ولا ضربة انتخابية قاضية من (فصَّاله)، ولا سقوطا انتخابيا فى (اجْريْفْ)، ولا حتى تدنيسَ أحذيتهم الخشنة فى (اعويناتْ ازْبلْ). ولا يظلِمَنَّ أحدٌ أهلَنا فى الحوض الشرقي، فلأهلنا فى اترارزة وآدرار وانواذيبو -مثالاً لا حصراً- إبداعاتٌ فى فن “الولاء الرحَّال”، وسوف يزاحمون أهل الحوض الشرقي بالمناكب وعابرات الصحاري لمصاحفة الرئيس عندما يهبط من مروحيته العسكرية على طريقة وزراء الدفاع الأمريكيين فى زياراتهم المفاجئة لقواتهم فى أفغانستان أو العراق. ولا يظلمنَّ أحد أهلنا فى موريتانيا الأعماق، ففنُّ “الولاء الرحَّال” علامة “تجارية” مسجلة باسم من يسمون أنفسهم النخبَ السياسية، أو الأطر، أو الوجهاء، وهي فئات يلعنها الرئيس محمد ولد عبد العزيز صباحا ومساءًا، ويستهزئ بها فى مجالسه الخاصة، ويحمِّلُها مسؤولية “فساد البلاد”، لكنه لا يتورع عن تجييشها من انواكشوط لاستقباله حيثما حطتْ مروحيته. اللهم فاشهدْ أن ولائي لموريتانيا، وليس لقبيلة أو جهة أو رئيس. اللهم تقبَّلْ توبتي النصوح من كل جرم ارتكبتُه فى حق موريتانيا بدعم رئيس أو مسؤول فاسد. اللهم افتح أبواب التوبة أمام أهلنا فى كل أنحاء موريتانيا، وعلِّمهم أن الرؤساء فقراءُ إليهم، وليس العكس. اللهم لا تَكِلْ تعليمهم إلى غير متعلم، ولا إلى سَنة التعليم.
بقلم: باباه سيد عبد الله