إلى رئيس الجمهورية: سنيم أحوج منا إلى أكثر من هذا

altالسيد الرئيس أتوجه إليكم بهذه الرسالة المتضمنة لبعض المعطيات والإشارات حول تبعات وظروف الإضراب الحاصل في شركتنا: الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم) أملا في إحاطة علمكم بصورة واضحة أرجوا من خلالها الحث على إيجاد حلول وافية و حكيمة للأزمة.

 

بما أن مطالبة العمال بحقوقهم بالتعبير السلمي الراقي منذ 55 يوما لم تكفي للجلوس إلى طاولة المفاوضات والحوار الجاد للخروج من هذه الوضعية التي تفاقمت إلى أزمة إقتصادبة واجتماعية و أصبحت تنذر بتبعات لا تحمد مآلاتها في حين أن البلاد في غنى عن مشاكل وساحات صراع جديدة. فإني أجد نفسي مضطرا إلى إبراز هذه النظرة المتجردة لأوضاع هذه الظرفية الحساسة بهدف إيضاح الصورة من بعض جوانبها كإطار في هذه الشركة الغالية على الموريتانيين كلهم.

 

أصل هذه الأزمة هو غياب التواصل والمشاركة البناءة في مجمل قضايا الداخلية ذات انعكاس على ظروف العمال و تحفيزهم على مرد ودية أكثر في بيئات عملهم ، وذلك مع جميع الفاعلين و في جميع الظروف من رخاء وشدة. مما عود العمال على استخدام جميع وسائلهم النقابية التصعيدية للحصول على حقوقهم والتحسين من ظروفهم المادية. توّج هذا التصعيد بإضراب 3 أيام في مايو الماضي، الذي حُلَّ لأسباب خارجية يبدوا أنها لا تتوفر الآن.

 

بموجب هذا الحل أبرم اتفاق  بحضرة والي تيرس الزمور آن ذاك ينص من بين بنوده على وعد بإجراء زيادة معتبرة في أجور العمال إبتداءا من شهر أكتوبر 2014.  بعد ذلك تغيرت أسعار الحديد هبوطا مما اضطر الشركة إلى إتخاذ إجراءات تقشفية كان من أسرع مفعولها جوانب تتعلق بدخل العمال. صاحبت هذه القرارات التقشفية إجراءات تحسيسية عن الوضعية الصعبة للسوق خامات الحديد، لكنها حمّلت أكثر مما تتحمل فبدل أن تركز على تقبل  التقشف والمشاركة الفعالة في إنجاح أهدافه أريد لها أن تقنع العمال بالتخلي عن المطالبة بالزيادة المتفق عليها وبأساليب لا تنم عن روح الشراكة البناءة المفقودة أصلا. فقرر العمال استخدام أداة الإضراب مرة ثانية حتى قيام حوار جاد حول مطالبهم، الأمر الذي لم يتحقق إلى حد الآن.

 

سيدي الرئيس المشكلة هنا ليست الإضراب (فهو أداة مشروعة للعمال لتعبير عن حقوقهم في نظام ينشد الحرية و العدالة) ولكن في التبعات التي لحقت والنتائج السلبية للمعالجات الخاطئة المستخدمة في ذلك بعيدا عن الأساليب السليمة من فتح حوار بناء وعدم التمادي في التبعات الضارة لهذه الأزمة.  

 

بعض الأرقام  المهمة:

8 دولارات تقريبا لطن الواحد هي أعلى قيمة متوقعة للمصاريف في كتلة رواتب العمال في تكلفة إنتاج و بيع طن الواحد من خامات الحديد ( السعر الحالي لطن هو 60 دولارا ).

أكثر من 12% نسبة النقص الحاصل لمداخل العمال كنتيجة مباشرة لإجراءات التقشف.

55 يوما من الإضراب مع عدم الجلوس إلى التفاوض والحوار الجاد.

يمكن للعمال أن يساهموا بنقص 20% من تكلفة الإنتاج إذا تلقوا التحفيز اللازم والتأطير الملائم.

هنالك أيضا هبوط حاد لأسعار النفط (50%) الذي يؤثر بصفة مباشرة وكبيرة على تكاليف الإنتاج.

 

تبعات التأخر في حل الإضراب:

غياب الحوار المباشر والجاد في حلّ الأزمة، مع أن الحوار هو الأسلوب الأمثل في النزاعات وعند اختلاف الأفكار في نظام حرّ وشفاف.

ظهور أساليب خاطئة لكسر الإضراب لا تتناسب مع مجتمع ديمقراطي ونزيه.

شغلنا جميعا عن أصل المشكلة المعلن هبوط أسعار خامات الحديد، هدرت طاقات و أوقات في تحليل ونقاش مطالب المضربين مع أن كتلة الأجور لا تتجاوز 8 دولارات لطن الواحد.

اختفاء المهنية داخل الشركة و في أسلوب تعاملها مع هذه الظرفية.

تباطؤ الإنتاج وعواقب ذلك على الأمد القريب والمتوسط.

سقوط هيبة إدارة الشركة كحاضنة للعمال وتكريس تطبيق القوانين واحترام الحقوق.

فصل أكثر من 300 عامل بسبب استخدام حقهم المشروع في الغياب أثناء الإضراب للمطالبة بحقوقهم.

 تضرر ساكنة ازويرات من تبعات الإضراب بسبب غياب السيولة وعدم دفع رواتب العمال.

 

من مقومات الشركات الصناعية:

تبنى الشركات الصناعية على مبدأ جلب أكثر المصالح بأقل التكاليف، توجد هنالك ركائز وأسس ومعايير لتحقيق هذا الهدف:

الموارد البشرية هي أكبر ثروة تمتلكها الشركة. فالموارد البشرية يمكن أن تساهم وبقوة في تحقيق أهداف وأرباح الشركة. إذن يجب التعامل معها بحكمة ودراية.

بالفعل لدى الشركات مواقف مسبقة من الخضوع لمطالب الإضرابات لكن يبقى منطق تحقيق أكثر المصالح هو الحكم.

يبقى الحوار هو أنجع الأساليب في حلّ الأزمات الداخلية من غير عناد لأن الخاسر في كل حال هي مصالح الشركة الأساسية.

إقامة جو مهني واجتماعي سليم.

التنافس الحقيقي بين الشركات يكمن في التسيير المحكم لجميع الموارد بما في ذلك تسيير الموارد البشرية وتطوير كفاءتها وإنتاجيتها.

 

إضافات مهمة:

لا يزايد أحد على حب عمال سنيم جميعا لها وعلى حرصهم على تقدمها وازدهارها، فهم الذين بذلوا جهدهم و دمائهم من أجل استخراج وتصدير المعدن لكي تنعم البلاد جميعا بعوائده.

أول متضرر من إجراءات التقشف هم العمال كما أن لهم الدور الرئيسي في ترشيد نفقات كلفة الإنتاج والنهوض بها.

يعتبر مجتمع العمال مجتمعا متعايشا بكل أطياف وقبائل وجهات وألوان الشعب الموريتاني، يمثل عمال سنيم مثالا حي للوحدة الوطنية المنشودة.

يعيش سكان ازويرات في ظروف صعبة:

المدينة الوحيدة بلا طريق معبد يربطها بالعاصمة.

قلة الاختصاصات والأدوات الطبية: أخصائيين، جهاز سكانير…

لقد كانت سنيم دوما صرحا اقتصاديا شامخا، لم تكن عبئا من مخلفات الأنظمة السابقة.

تعتبر سنيم هي أكبر مشغل بعد الوظيفة العمومية وأغلب الأسر الموريتانية لديها منفعة مباشرة أو غير مباشرة عن طريقها. فهي رمز وطني هام يجب المحافظة عليه كما صانه الآباء والأجداد من قبلنا.

وفي الأخير أتوجه إليكم سيادة الرئيس بهذه النقاط أملا في إيجاد حلول حكيمة في هذه الظرفية الصعبة.

 

بقلم: المهندس أحمدين ولد سيد محمد إطار في الشركة الوطنية للصناعة والمناجم “اسنيم”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى