اغتصاب وتحرش..تجارب ترويها فتيات وسيدات
اصوات تصرخ ولا تُسمع، دموع تُذرف ولا من شاهد لها، انين يدوي بصمت في ليل فتيات هن سيدات الغد المقهورات. تحرش، اغتصاب، قهر، ودموع في مجتمعات تخلط بين الرجولة والتسلط وبين شرف الرجل واعضاء المرأة التناسلية.
عندما يقرأ المرء ما تكتبه فتيات وسيدات من بلدان عربية مختلفة عن تجارب قاسية مررن بها من اغتصاب وتحرش وقمع، يصل لا محالة الى خلاصة واحدة وهي ان القاسم المشترك الحقيقي الذي يجمع بين المجتمعات العربية هو: المجتمع الذكوري القائم على قمع وقهر المرأة منذ صغرها، لا بل وحتى قبل ان تولد.
‘احكي قصتك’ هل هذا قدر لا يمكن تجنبه؟ لا… يأتيك الصوت من على صفحة ‘انتفاضة المرأة في العالم العربي’، هذه الصفحة التي فتحت منبرها لكل امرأة مقهورة ولكل ثائرة بوجه ظلم طال امده. حملة جديدة اطلقتها صفحة ‘انتفاضة المرأة في العالم العربي’ منذ عدة ايام وتحمل اسم ‘احكي قصتك’. بدأت هذه الحملة في 25 نوفمبر وهو اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، وبدأ سيل القصص يتدفق على صفحة تديرها نساء مناضلات يتعرضن لكم هائل من الضغوط والشتائم.
ومع ذلك، اطلق هذه الحملة الجديدة تحت شعار ‘علينا ان نحكي وعلى العالم ان يسمعنا كي نتحرر. فلنحكي ونحكي ونحكي كي نملأ العالم ضجيجا. لأن كل واحدة منا تحمل قصة سرية عن: عنف جسدي او نفسي او جنسي. لأن صمتنا جريمة بحق انفسنا وحماية للمعتدي. لأن الفضيحة هي في فعل المعتدي لا المُعتدى عليها. لأن علينا ان نخرج من دائرة الخوف والعزلة إلى دائرة الضوء والفعل. لأن على قصصنا المخبأة تحت وسائدنا ان تخرج مدوية الى العلن’. فكان جواب احدى السيدات على هذه الكلمات بسؤال يعبر عن مدى خوف المرأة العربية من الخروج من الاطار القاسي الذي حدده المجتمع لها، إذ سألت ‘يا ترى لو حكينا قصصنا بكل صراحة ستكون انتفاضة ام مذلة؟’.
الأهل والقوانين تكافئ المغتصب إن بشاعة ما تفرضه بعض التقاليد على المجتمع الذي يشيح بوجهه عن حالات الاغتصاب الجنسي ويدفنها في جوارير الذاكرة العميقة، لا تقل عنها بشاعة ما تكرسه بعض القوانين في البلدان العربية التي تكافئ المغتصب على فعلته هذه عبر التهرب من ملاحقته القانونية بالزواج من ضحيته. يتستر المجتمع على فعلته هذه ويكم افواه ضحاياه منعا للعار وصونا للشرف، فتحمل الضحية آثار هذه الفعلة طوال العمر تخبرها بنفسها لنفسها في مخدعها، بصوت خافت مخنوق.
ناديا واحدة من هذه الضحايا، ارسلت اختها الى صفحة انتفاضة المرأة في العالم العربي قصتها. في قصة ‘ناديا من المغرب’ تروي الشقيقة ان ناديا تعرضت للاغتصاب من قبل رجلين اختطفاها لمدة يومين وتناوبا على اغتصابها. عادت بعدها الى المنزل ورفضت الذهاب الى الطبيب.
وتقول الشقيقة ‘فضلنا وقتها التستر على الامر دون رفع اي دعوى قضائية وذلك لعدم جدواها. فالجميع يعلم ان المجرم لن يقضي اكثر من شهرين بالسجن او يطلب منه القاضي الزواج بمن اغتصبها في احتقار كلي لكرامة وانسانية المرأة المغتصبة. فسخ خطيب اختي والذي كان يوما حب حياتها خطبته بها بعدما علم بالامر. ففي منطقتنا الرجل يتزوج بالبكارة، وهي غشاء جلدي، وليس بامرأة ذات انسانية… ما تلا الحادثة بعد ذلك لم يكن بشيء يثير اي صوت او ضجيج او صراخ يزعج احدا. كل ما هناك هو صمت مطبق، إنكفاء على الذات وانطواء ثم إكتئاب دام سنوات طويلة ولا يزال مستمرا…’.
ضحية الخوف والعائلة من القصص ايضا قصة ‘غادة من فلسطين’ التي تروي عما اصابها. تبدأ حديثها بالقول ‘لقد حدث ذلك معي…كل شيء يؤلم ومازال… الآن، بعد مرور عام ونصف استطيع التنفس بشكل اسهل. مازال علي ان الملم نفسي المحطمة قطعة قطعة، ولكن بشكل اسرع بفضل الامل الذي منحني اياه اصدقائي، ومازالوا….لقد كرهت الرجال لفترة طويلة..لكن ولحسن الحظ تمكنت الآن ان احصر كرهي بافعال الناس وليس الناس جمعاء.
لم اخبر اهلي بما حدث معي، لان امي لن تستطيع التعامل مع ما حدث لي، وابي سيلومني انا، ومثله المجتمع كله… كم كنت ارغب ان اخبر والدي بالامر وذلك لشدة ما كنت بحاجة له ليضمني ويعطيني الاحساس بالامان.. لكن والدي رجل عربي تقليدي، وسيكرهني بسبب ما فعله بي احد الرجال. كان سينظر الي باحتقار لانني سمحت لرجل لان يلمسني ويضربني بقسوة افقدتني الوعي ويغتصبني جنسيا. جل ما كنت بحاجة له هو ان يضمني والدي ويقول لي: غادة لم تكن هذه غلطتك انت، انا احبك مهما حصل. لكنني كنت اعلم انني لو اخبرته بما حصل معي لكنت سحقت من جديد…’.(المصدر:الزمان ـ إذاعة هولندا العالمية)