معرض أبوظبي الدولي للكتاب ينطلق اليوم بمشاركة مئات المثقفين
ينطلق اليوم معرض أبوظبي الدولي للكتاب،الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في دورته الخامسة والعشرين تحت رعاية سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي >>
ويستمرفي إلى 13 مايو الحالي، ويحتفي المعرض بيوبيله الفضي عبر برنامج خاص للشخصية المحورية، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- إلى جانب التركيز على الإنتاج الأدبي في آيسلندا ضيف شرف المعرض.
وقال محمد الشحي، مدير إدارة البحوث والإصدارات في دار الكتب بهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة: “بذل فريق العمل مجهوداً مضاعفاً للانتهاء من عمليات التشييد في الوقت المحدد، حيث تعتبر الدورة الحالية من المعرض الأكبر من حيث المساحة، وقدم لنا فريق العمل في مركز أبوظبي الوطني للمعارض تسهيلات كثيرة لإنجاز العمل على أكمل وجه، حيث بدأ العمل على تنفيذ التصميم قبل أربعة أيام فقط، وهو تصميم مريح للعارضين والزائرين ويوفر مساحات جيدة للمرور والحركة في الممرات، ونعد زوار المعرض هذا العام بتجربة أكثر تميزاً بين ردهات المعرض الواسعة”.
من جهة أخرى بدأ ضيوف المعرض في التوافد إلى العاصمة أبوظبي، حيث يشارك في المعرض أكثر من 600 مثقف وخبير في النشر من أنحاء العالم، في جلسات حوار متنوعة تتناول قضايا ثقافية وفكرية متجددة، بالإضافة إلى جلسات مهنية تتناول الجديد في عالم صناعة الكتاب، مع لقاءات مفتوحة مع رسامين وخبراء في النشر الرقمي، وبرامج تعليمية وترفيهية للأطفال.
يرتبط معرض أبوظبي بذكريات جيلين من الكتاب البارزين في دولة الإمارات، ومنذ تأسيس المعرض عام 1981 أخذ يتوسع ليستقطب كبرى دور النشر في العالم العربي، فأصبح خلال ثلاثة عقود أحد أهم الأحداث الثقافية المنتطرة في دولة الإمارات والمنطقة. ويتطلع المثقفون والناشرون إلى المعرض بالكثير من الأهمية، فقد أسهم عبر السنين في دعم صناعة الكتاب من جهة، وتسهيل الحصول على الكتاب من جهة ثانية، وأصبح أحد أكثر معارض الكتب نمواً في المنطقة، وقال الروائي علي أبو الريش:”يعد معرض أبوظبي الدولي للكتاب تجمعاً ثقافياً ومحفلاً كبيراً يزخرف العاصمة أبوظبي والإمارات بشكل عام بما يحتويه من كتب متنوعة في كل الآداب والمعارف والعلوم، ويتميز المعرض بأنه يستقطب كافة الكتاب من الوطن العربي وخارجه، ويعتبره المبدعون في الإمارات عرساً لابداعاتهم، فهم ينتظرونه كل عام ليجددوا لقاءهم بالكتاب”. وأضاف أبو الريش:” تميزت دولة الإمارات في عدة مجالات مثل: الاقتصاد والسياسة، كما أنها تواكب الدول الأخرى في التأليف والنشر، فأصبحت البلاد موئلا للمثقفين نفخر به”.
من جهته اعتبر القاص والروائي ناصر الظاهري أن المعرض أصبح عرساً ثقافياً تنتظره العاصمة من عام لعام، يصبغها بالحبر، ورائحة الورق، وما يحمله الناشرون والورّاقون من معارف وقال: ” في ربع قرن من الحضور والتألق علّم معرض أبوظبي الدولي للكتاب أناساً كثيرين، وكبر مع أناس كثيرين، وطد علاقات، وحَمّل ذكريات مع الكثير.. الكثير، منهم من عاد إلى جهاته الأربع، ومن ما زال يتعكز على تلك المحبة، ويلقاه من عام لعام، وآخرون طويت صحفهم، وغابوا إلا من الرأس والذاكرة، وكلما ضمنا المعرض من جديد جاءت سيرهم، وحنّت علينا ذكراهم، وتراءت لنا صورهم، فقد كان المعرض بالنسبة لنا ومنذ أيامه الأولى ملتقى للمعرفة، ومسرّة بأهلها، وفرح كأنه عائلي نتمنى ألا ينتهي”. وأضاف الظاهري:”أصبح المعرض علامة فارقة لأبوظبي، يتسابق الناشرون عليه، وتزداد أعدادهم من عام لعام، وتتنوع مصادرهم، ودولهم، وغدت الفعاليات الثقافية والفنية والمتخصصة المصاحبة جزءا أساسا ومهما لأيامه، وصارت الدول التي يستضيفها كضيف شرف دعوة للالتفات إلى ثقافات وحضارات الشعوب الأخرى، وخلق نوع من جسور التواصل بيننا”.
وعن ذكرياته الخاصة في المعرض يقول الظاهري:”إنها ذكريات عامة، فما زلت أذكر أصدقاء هذا المعرض من مقيمين، ومواطنين، وضيوف، أتذكر هامات من الشعر جاءت هنا، وألقت قصائدها، وأتذكر كتّاباً ونقّاداً وفنانين كانوا بيننا، وفعلوا شيئاً من الضجيج الجميل، ولم يغادروا، ما زال المعرض يذكّرني بالمجمع الثقافي، حيث شيء من الحنين، والفرح، وتلك المحبة التي كانت، ما زلت أذكر أول مرة أقيم في الخيام، وثاني مرة افتتح، وثالث مرة أشارك فيه، ورابع مرة أوقع فيه كتاباً، وآخر مرة حيث أتمنى أن أشارك بمعرض فوتوغرافي شخصي بعنوان”خلف ظلالهم البيضاء” أرصد فيه حركة الزمن على وجوه البشر، ومن كل بقاع الدنيا”.
ويقول حسن ياغي مدير دار التنوير للنشر والتوزيع في لبنان:” إننا حريصون على المشاركة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب كل عام، فهو يتميّز بمستوى عالِ من التنظيم، سواء لجهة توزيع دور النشر أو لجهة المساحات الواسعة في الممرات ما يسمح بحركة سهلة للجمهور، أو لجهة المتابعة اليومية من إدارة المعرض لأي شكوى من العارضين أو الجمهور، كما ينفرد المعرض ببرنامج “أضواء على حقوق النشر” الذي يتيح للناشرين فرصة توقيع عقود شراء حقوق الترجمة، ودعم هذه العملية. وهناك حضور مميّز للناشرين والوكلاء من كل أنحاء العالم، ما يفتح خطوط تواصل بين الناشرين العرب والأجانب. كما أن الندوات المتواصلة على مدار اليوم والتي يُدعى إليها أبرز الكتّاب والمهنيين، تشكل عنصراً جاذبًا للجمهور وفرصة للّقاء بين الناشرين والكتّاب”، مضيفا:” إن معرض أبو ظبي الدولي للكتاب اليوم ليس مجرّد معرضٍ للكتاب، يأتيه الناشرون لبيع الكتب، والقرّاء لشراء الكتب (على أهمية ذلك)، إنه تظاهرة ثقافية، قد تكون هي الأكبر في العالم العربي؛ لأن هذه التظاهرة تضمّ إلى المعرض، جائزة الشيخ زايد للكتاب، والجائزة العالمية للرواية العربية، وعددا من النشاطات التي تقوم بها جمعيات، وهيئات ثقافية، ومؤسسات، مستفيدة من وجود هذه التظاهرة”. أما محمد رشاد رئيس مجلس إدارة الدار المصرية اللبنانية ومكتبة الدار العربية للكتاب في مصر فيقول:”يعتبر معرض أبوظبي الدولي للكتاب من أهم المعارض في المنطقة العربية، بل تعدى وطننا العربي، وأصبح من المعارض ذات السمعة والشهرة الدولية ضمن خريطة المعارض العربية والدولية، كما يعد من أكبر المعارض احترافية في الشكل والمضمون، فهناك تدقيق جيد في اختيار العارضين سواء أكانوا عربًا أم أجانب، فلم يشارك في المعرض إلا الذي استوفى شروط ومواصفات الناشر الحقيقي، والذي يحترف صناعة النشر مع احترامه حقوق الملكية الفكرية. كما أن المعرض يحقق المعادلة الصعبة بالنسبة للقارئ العربي الذي تعوّد أن تكون معارض الكتب في عالمنا العربي سوقًا للكتاب وليس معرضًا لصنّاع الكتاب من ناشرين وموزعين وطابعين ومؤلفين ومترجمين، فأصبح المعرض يضم سوقًا للكتاب ومعرضًا للمحترفين”.
ويتذكر رشاد بدايات المعرض في أوائل الثمانينيات في القرن الماضي، حيث يقول:” في الدورة الأولى كان عدد الناشرين محدودًا مقارنة بعددهم اليوم؛ نظرًا لقلة دور النشر العربية آنذاك، بالإضافة إلى توجس الناشرين من عدم نجاح المعرض لضعف الكثافة السكانية ووجود جاليات كثيرة غير ناطقة بالعربية، وعند زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس البلاد، للمعرض أمر بشراء كل الكتب الموجودة في المعرض ما شكل دعما للناشرين العرب الذين حرصوا على المشاركة في الدورات اللاحقة”.
وأضاف رشاد: “أتذكر شكل ومكان المعرض عندما كان يقام في ساحة المجمع الثقافي داخل خيمة، كانت مقسمة إلى أجنحة صغيرة، لعدد ليس بالكثير من الناشرين، مع ضعف الخدمات المقدمة، واقتصاره في البداية على نشاط بيع الكتب على فترتين صباحية ومسائية، ولم تكن الأنشطة الثقافية بالحجم الكبير الموجود حاليًّا، ومع توالي الدورات زادت الأنشطة الثقافية، والتي كانت تقام داخل مبنى المجمع الثقافي”.
وختم رشاد بقوله:”إن استمرار معرض أبو ظبي الدولي للكتاب طوال هذه السنين، ساهم في إنشاء العديد من دور النشر والمكتبات الخاصة الإماراتية، وأوجد حراكًا ثقافيًا كبيرًا بين أبناء الدولة، وظهر العديد من الكتَّاب والمؤلفين والمبدعين الجدد، ورسخ حرص الدولة على النهوض والارتقاء بالمستوى الثقافي للأفراد من خلال احياء الوعي بأهمية عادة القراءة لتكوين النشء منذ الصغر”.
الزمان ـ الرياض