مصدر: 4ملايين معوق في العراق بسبب الحروب
كانَ للحروب الكثيرة التي عاشها العراق، وما زال، آثارها على المواطنين، منها إصابة عدد من المواطنين بإعاقات، حرمتهم الاندماج في مجتمع غير مؤهل للتعامل معهم.
في السياق، يقولُ رئيس جمعية “أمل” لرعاية المعوقين مازن الأدهمي لـ “العربي الجديد” إن “هناك نحو أربعة ملايين شخص معوّق في عموم البلاد، بسبب الحروب المستمرة منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى اليوم، ويعيش هؤلاء في ظروف صعبة للغاية. وكما هو معلوم، لا يستطيع الأشخاص المعوّقون الذين فقدوا أطرافهم كلياً أو جزئياً العمل، ومن الصعب أن يحصل أحدهم على وظيفة هنا أو هناك وسط إهمال حكومي واضح لهذه الشريحة من الناس”.
يضيف أن “المنظمات الأهلية تقدم للأشخاص المعوّقين بعض الدعم البسيط جداً، بما توفّره إمكاناتنا المحدودة من التبرعات، وتبقى الحاجة الفعلية هائلة، إذ يحتاج الأشخاص المعوقون مثلاً إلى مراكز طبية تأهيلية وعلاج وأطراف اصطناعية”، لافتاً إلى أننا “لا نستطيع توفيرها لوحدنا كمنظمات مجتمع مدني، ولا بد من تعاون الجهات الحكومية التي نلاحظ إهمالها”.
ويشيرُ ناشطون إلى أن أكثر من 70 في المائة من الأشخاص المعوقين قد أصيبوا خلال الحروب الماضية، وما تلاها من انفجارات وسيارات مفخخة وعمليات مسلحة بعد احتلال العراق، بالإضافة إلى الحروب الداخلية.
ويُوضح الناشط مصطفى صبار العاني (31 عاماً) أن “عدداً من الأشخاص تعرضوا لبتر أطرافهم نتيجة انفجار الصواريخ والقذائف خلال الحروب الماضية، أو العبوات الناسفة والسيارات المفخخة”.
ويشير العاني إلى أن “مساعدة الأشخاص المعوّقين مستمرة من خلال منظمات وفّرت لهم بعض الكراسي المتحركة، بهدف مساعدتهم على الاندماج في الحياة العامة، علماً أن الأمر يحتاج إلى دعم كبير بسبب كثرة أعداد الأشخاص المعوقين في مختلف المحافظات العراقية”.
من جهته، يقول عضو جمعية “الرحمة” للمعوقين خليل راجح إن “عقد الندوات والمؤتمرات بشكل مستمر، وتسليط الضوء على الحاجات الفعلية للأشخاص المعوّقين، وإيصالها إلى الجهات المعنية من شأنها التقليل من معاناتهم. أيضاً، يجب التواصل بشكل مستمر مع المنظمات الدولية التي تهتم بهم”.
يضيف لـ “العربي الجديد” أن “هناك تقصيراً كبيراً من قبل الجهات المعنية حيالهم. هم بحاجة مثلاً إلى كراس متحركة عملت بعض المنظمات الإنسانية على تأمينها، بالإضافة إلى أطراف اصطناعية، فضلاً عن الجانب الترفيهي كإنشاء أندية أو صالات رياضية بهدف التخفيف من معاناتهم”.
ويُعاني الأشخاص المعوّقون بسبب عدم قدرتهم على العمل، بالإضافة إلى عدم مساعدتهم من قبل الجهات الحكومية التي لا توفر لهم رواتب تقاعدية لسد احتياجات أسرهم، ما يؤثر سلباً عليهم في ظل غياب توعية المجتمع حول كيفية التعامل معهم.
مضر السامرائي (47 عاماً) أصيب بإعاقة نتيجة القصف الأميركي. يقول لـ “العربي الجديد”: “كنت أعمل سابقاً في ورشة للحدادة. أكثر ما أحزنني هو طرد صاحب الورشة التي كنت أعمل فيها، علماً أنني تلقيت العلاج بعد فترة”.
من جهته، يوضح أبو صفاء (57 عاماً)، الذي أصيب بإعاقة بسبب الحرب العراقية ـ الإيرانية، وبترت ساقاه، أنه رفض الاستسلام وظل يكافح ويفكر بأي طريقة لمساعدة الأشخاص المعوقين، مبيناً أنهم “يعانون جراء التمييز في فرص العمل، سواء في المؤسسات الحكومية أو المعامل والمصانع الأهلية. وهذه مشكلة كبيرة. كيف سيعيش هؤلاء؟ يضاف إلى ذلك صعوبة تنقلاتهم وحركتهم. لذلك، اخترعت طريقة جديدة تُمكّن المعوقين من قيادة الكراسي”.
يُتابع أبو صفاء لـ “العربي الجديد” أنه تمكّن من تطوير الكراسي المتحركة ووضع بطارية سيارة ومحرك صغير، بالإضافة إلى تعديلات أخرى، ليتمكن الشخص المعوّق من اجتياز مسافات بعيدة من دون تعب، ما قد يسهّل قيامه ببعض الأعمال البسيطة، ويصبح قادراً على الاندماج في المجتمع بشكل أفضل. ويواجهُ الأشخاص المعوّقون صعوبة بالغة في التنقل وعبور الشوارع، ما يجعل خروجهم من المنزل أو الحي غاية في الصعوبة.
في السياق، يقول المهندس تحسين جمعة إن “أصعب ما يواجهه الشخص المعوّق هو التنقل وعبور الشوارع والتقاطعات. لذلك، نقترح إجراء تحديثات وإنشاء ممرات وطرقات خاصة بهم، لتسهيل حركهتم ودمجهم في المجتمع بدلاً من العزلة التي يعانون منها”.
في المقابل، لا يريد الأشخاص المعوّقون حالياً سوى رواتب تكفيهم لإعالة أسرهم، وخصوصاً أن فرص حصولهم على عمل تكاد تكون مستحيلة، على غرار ما حدث لمحمد سالم (57 عاماً)، الذي أصيب بإعاقة خلال الحرب العراقية الإيرانية، علماً أن لديه أسرة مكونة من خمسة أفراد، فما كان منه إلا بيع السكاكر أمام منزله. يشرح معاناته لـ “العربي الجديد”، قائلاً إن “وزارة العمل والشؤون الاجتماعية خصّصت مبالغ بسيطة كل ثلاثة أشهر للبعض. ولأنني لم أعد أستطيع العمل اضطررت إلى بيع السكاكر لأعيش”.
العربي الجديد