المسرحي محمد غلام ..يكفي من اللعب على العقول / القاسم ولد الشيخ
أمس أطل علينا النائب البرلماني محمد غلام ولد الحاج الشيخ مطالبا بإستقالة رئيس الجمهورية .. مسرحية أخرى تضاف لمسرحيات سابقة ظهر فيها بطلنا الكبير “فارس مرمرة” والذي قرر الإحتراف ، ولم يكتفي بالادوار السابقة فبعد ظهوره يحمل الخبز في يده مذكرا الناس بالمسرحي المصري عادل إمام ــ مع احترام فارق الضحك ــ في فيلمه “مرجان أحمد مرجان” وخاصة اللقطة التي يناقش فيها في البرلمان المصري مشاكل الخبز ، ظهر في دور آخر يلتف بحبل طويل معبرا عن أزمة العطش وأزمة الماء في الريف الموريتاني ، ليكمل المسرحي الكبير عمله هذا الموسم بعمله المقدم لشهر رمضان المبارك ، وهو المطالبة بإستقالة رئيس الجمهورية .
ويبدو أن الأستاذ تأثر ببعض الأعمال السينمائية الكبرى التي شارك فيها مثل “سفينة مرمرة” ، ومثل “الرباط المناصر لفلسطين” ومثل “العبور لغزة” ، ومثل “الربيع الموريتاني” ، وجاءت نتيجة التأثر واضحة في العمل الخيالي الأخير الذي أطلق بمناسبة شهر رمضان الكريم تحت عنوان : “شاحنة من السماء .. استقل أيها الرئيس” .
هذا العمل الأخير يتطلب نقاش العديد من الأدوار التي لعب هذا الممثل وتحليلها معه لنعرف هل حقا يستحق هذا العمل التقدم لنيل إحدى الجوائز الكبرى في المسرح أم لايستحق العرض في غير أحد مقار حزب تواصل والفوز بتصفيقات من بعض المخدوعين والمغرر بهم من الصبية وأنصاف المتعلمين .
بدأ ممثلنا الكبير أعماله المسرحية بأدوار نضالية مثل فيها الرجل دور المجاهد المنتصر لأمته ولمقدساته وثوابته ، ولم يترك كوفية فلسطينية إلا وربطها حول عنقه ولم يترك يافطة خضراء تحمل لون حركة “حماس” إلا ووقف تحتها وألتقط صورة تذكارية معها ، وركب البحر صوب غزة ، ولولا لطف الله وتدخلات من الشيخ “رائد صلاح”لتزنر بحزام ناسف وأنفجر في إحدى الوحدات الصهيونية المرابطة في البحر ، و يستمر النضال من أجل فلسطين ، مزدهرا في مجال جمع المال والتبرعات والمساعدات للمجاهدين وعوائل الشهداء والأيتام حيث سيرت القوافل لغزة وجمعت الأموال من فقراء موريتانيا وأغنيائها ومن كل مكان .
لكن نهاية تعيسة كانت تنتظر هذا الدور النضالي ليتضح للجميع أنه مجرد مسرحية هزيلة لممثل محترف يعرف كيف تسيل دموعه وكيف يستعطف بآيات القرآن وأبيات الشعر عواطف العامة ويأخذ ما في جيوبهم .. أنتهى هذا الدور بدخول المقاوم وحزبه في حكومة 20 يوم المطبعة والجلوس بجنب “الشيخ العافية” والإعتزاز بهذه المشاركة الحكومية وتبريرها من النص القرآني “أدخلوا عليهم الباب” .
هذه النهاية الهزيلة للمثل وللمسرحية النضالية جعلت كل الأدوار الأخرى أدورا غير مقنعة ولاترضي الجمهور ولا يصدقها ، خاصة حين يحاول الممثل منحها شرعية من خلال نضاله ومن خلال تاريخه الكبير في النضال متناسيا أن ” أهل موريتاني متعارفين” وأن الناس تعرف الفرق بين المناضل وبين البهلوان ، وأن من لم يناضل أيام شبابه وبدايات عمره وأوج عطائه لن يناضل في هذا العمر ، ومن بدأ شرطيا لا يمكن أن ينتهي ثوريا محررا ، وأن النضال لا يتغير ولن يفهم الناس للنضال إلا معنى واحدا هو التضحية والكرامة والصدق أما نضال الجمعيات ولحم “السعودية” و”قوافل” تركيا فلا معنى له ولن يجد مكانا في تاريخ شعب يضج بالتضحيات ولحظات الشرف والأيام الخالدة.
فماذا يملك محمد غلام ولد الحاج الشيخ من التاريخ ليحصن به خرجاته المسرحية في البرلمان ،هل سنوات التسكع في شرطة الإمارات ومحاولات الدجل والشعوذة في الخليج تعتبر نضالا شريفا يعتد به إنسان “حر” ؟ وماذا يملك رئيسه جميل ولد إبراهيم من التاريخ ، هل 10 سنوات من مرافقة ولد داداه ، والظهور في تلفزة ولد الطايع البائسة خائفا مذعورا صاغرا ، ثم المتاجرة بالناس وتملق المنظمات الخليجية وجمعيات البر والإحسان هل يعتبر هذا تاريخ ، هل الهروب إلى بروكسل والتمتع بمنفى مريح مع عائدات اللجوء يعتبر نضالا ؟ وهل تأسيس حزب “متواصل” في الغموض وغياب الرؤية والتلاعب بالمواقف والكذب يعتبر نضالا يستحق الذكر ؟ النضال صعب جدا ودخول التاريخ أصعب ،أما التمثيل فهو أمر سهل ولعب الأدوار البطولية أسهل لكن خداع الناس لايطول أبدا ومهما كانت براعة الممثل لابد من عجز في محاولاته لتقمص الدور .
والأدوار المسرحية التي تقمص الممثل محمد غلام عبر كل تاريخه ظهر فيها العجز والتناقض وكشفها الناس ، ماجعلت من الإطلالة الأخيرة في العمل الرمضاني “شاحنة من السماء .. استقل أيها الرئيس” مجرد مسرحية هزيلة سيئة الإخراج وإستمرار لمزيد من الكذب على الناس والإستهزاء بقيم الجمهوية وبالمكتسبات الديمقراطية التي حقق الشعب الموريتاني ، والتي تسلل من خلالها البعض للعب مثل هذه الأدور والظهور بمثل هذه الخرجات ، ولاتستحق هذه المسرحية العرض إلا في أحد مقار جمعية بسمة وأمل أو في أحد مكاتب حزب تواصل ولاتستحق من التقدير غير تصفيق بعض المخدوعين من مرددي الأناشيد والمحفوظات .
القاسم ولد الشيخ