تاريخ موريتانيا الإيجابي يتواصل بأمر من الشيخ علي الرضا حفظه الله ورعاه
بقلم الأستاذ: محمدن ولد أمد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فسنواصل على بركة الله ما أمرنا به شيخنا الشيخ علي الرضا بن محمد ناجي رئيس المنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم من الترجمة لأعلام بلاد شنقيط من علماء وأبطال ومحبين ورجال مقاومة، من شرق موريتانيا إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، وفق ما يطلق عليه شيخنا حفظه الله ورعاه: “تاريخ موريتانيا الإيجابي”، وسنترجم اليوم للعلامة الشيخ سيدي بن المختار بن الهيبه الأبييري، والله المستعان وعليه التكلان الشيخ سيدي الكبير إن الذي يحاول الترجمة لطود مثل الشيخ سيديا لا يعرف في الحقيقة من أين يبدأ حديثه لشيوع أخباره وتعدد مآثره وآثاره، وهو في حديثه ذلك يحدث الناس بما يعلمون، وما أحسن قول الشاعر المشهور محمد ولد محمدي العلوي في ميميته الرائعة: من قاسه بالأكرمين فإنه :: في الشأو قاس مجلياً بلطيم بل قاس ملتطم البحار بنطفةٍ :: والروضَ غضاً ناضراً بهشيم حدّث ولا حرج عن الشيخ الرضا :: أو دع إذا حدثت بالمعلوم وما ذا يقول مثلي في من قال فيه الشيخ أحمد بن الأمين الشنقيطي في الوسيط: “هو العلم الذي رفع على أهل قطره، واستظل به أهل دهره، وماذا أقول في رجل اتفق على أنه لم يظهر مثله في تلك البلاد، وقد رأينا من أحفاده ما يرفع العناد”. ولكن على بركة الله، وامتثالا لأمر شيخنا الشيخ علي الرضا بن محمد ناحي حفظه الله ورعاه، أحاول ههنا جمع واختصار ما وجدت من ترجمته في مظان ذلك فأقول والله المستعان وعليه التكلان: هو الشيخ سيدي بن المختار بن الهيبه بن أحمد دوله بن أبابك بن محم الملقب انتشايت الأبييري، أمه الصالحة المشهورة عائشة أم المومنين بنت ألفغ عبيد،ولد الشيخ سيدي سنة 1190 ه وهي السنة المعروفة بعام المرفك بنواحي بتلميت،يقول الشيخ محمد فال بن بابه العلوي: ووقعة المرفق عام يشفق :: ولد فيه العالم المحقق الشيخ سيدي إمام المغرب :: جميعه من عجم وعرب. لم يكن للشيخ سيدي همٌّ في صغره غير تحصيل العلم فلم يشغله ما شغل غيره من أبناء سنه، يقول هارون ابن الشيخ سيدي في كتاب الأخبار: “كان هذا الشيخ المذكور آية من آيات الله في وقته حليما لا يزعزعه شيء كالطود الراسي وكان وقورا ثبتا متأنيا في جميع أموره وكان غاية قصوى في العلم وفي الاتباع وفي العمل بما علم حتى قيل إنه لم يفعل مكروها ولا خلاف الأولى منذ عقل إلى أن توفي رحمه الله تعالى برحمته الواسعة وحتى قيل إنه في صغره وطفولته لم يقع منه ما يقع من الصبيان ولم ينتقد عليه شيء كأنما فطره الله يوم فطره على الخير وعمله وجلب المصالح ودفع المضار عن عامة خلق الله تعالى “. درس الشيخ سيدي أولا على خاله سيدي بن ألفغ عبيد وكان من علماء مدرسة أولاد أبييري كما ذكر المختار بن حامد في موسوعته، وقال عنه العلامة محمد سالم ولد عدود في ندوة “الموروث الثقافي والأدبي للشيخ سيدي”: “من أعلام العلماء في هذه البلاد خصوصا علم النحو سمَّت – عائشة بنت ألفغ عبيد- ابنها باسم أخيها فقيل لها: “ثقلت عليه” فقالت كلمتها المشهورة: “ربهم واحد”،فتجاوزت التوقعات ما كانت هي تتوقع.. فجاء الشيخ سيدي”. ثم قرأه على الطالب ألمين بن الطالب المختار وهو من قبيلة تيمركيون يحكى أنه ربما تم القرءان في ألواح تلامذته في يوم واحد، وفي هذه المرحلة أتقن حفظ القرءان الكريم برواية نافع، وقد دامت أربع سنين. ثم سافر إلى العلامة حرمه بن عبد الجليل العلوي ومكث عنده ثلاث عشرة سنةفأتقن علوم اللغة، يقول العلامة محمد سالم ولد عدود: “ولا أعلم أحدا في عصره غيره يحفظ تسهيل ابن مالك عن ظهر قلب إلا ما كان من امحمد بن الطلبه المشهور، هذان كانا يحفظان تسهيل ابن مالك في هذه البلاد، فإذا قيل إن المكودي كان آخر من يحفظ كتاب سيبويه، فآخر من كان يحفظ التسهيل في هذه البلاد اثنان فقط: الشيخ سيدي وامحمد بن الطلبه”. وكان الشيخ سيدي يجل شيخه حرمه بن عبد الجليل وخدمه خدمة خاصة ذكر الوسيط طرفا منها، وقال هارون في كتاب الأخبار: “وقد كان معروفا بالخدمة لحرمه بن عبد الجليل زمنه عنده يقوم على حيوانه وعياله وضيفانه أحسن قيام ويقوم بمصالح التلاميذ وقد كان يحلب لامرأة من حي حرمَ بقرات لها وكانت تدعو الله له أن يخدمه أولاد الحرائر فأجاب الله دعاءها”. وقال الشيخ سيدي عن نفسه زمنه مع حرم إنه أحس بالعربية رسخت في قلبه وتمددت حتى صارت كالطبيعة فيه، وعند حرمه قال قصيدته المشهورة التي يوصي بها رفقاءه في الدرس ومطلعها: أيا معشر الإخوان دعوة نادب :: إلى الحق والمعروف ليس بكاذب وبعد تضلعه من علم حرمه بن عبد الجليل رحل إلى محظرة “الصفره والكحلَ”حيث الشيخ حبيب الله بن القاضي الإيجيجبي وابنه محمد محمود فأقام فيها أربع سنين حتى حصل ما كان يسمو إليه من علم الفقه وقواعده. ثم شد الرحال إلى تيشيت فأقام فيها سنة ينظر في مكتباتها المزدهرة، وبقيت الملاحظات والتصحيحات والتخريجات بادية بقلم الشيخ سيدي في هوامشالكتب بتلك المكتبات، وفي تيشيت ألف أكثر مؤلفاته ولقي كبير شرفاء أهل عبد المومن، وخرج منها إلى ولاتة التي زار بها روضة الشيخ سيدي أحمد البكايوذلك في طريقه إلى أزواد. وكان في تيشيت شيخان معروفان بالعلم والصلاح فاستشار الشيخ سيديأحدهما، فقال له: “لا أرى لك حاجة إلى الإستزادة أرى أن تعود إلى أهلك فتبث فيهم ما حصلت من العلم والله ينفع بك هناك”. واستشار الشيخ الثاني فقال ليس هذا رأيي، لما بلغت هذا المبلغ أرى أن تغرف غرفتك من هذا البحر الذي يذكر” يعني الشيخ سيد المختار الكنتي. فصمم الشيخ سيدي العزم على أن يلتحق بالشيخ سيدي المختار الكنتي، وفي طريقه إليه صادف الفرسان يبشرون الحلل بأن الشيخ باب اليوم جاء إلى المسجد -والشيخ سيدي المختار يلقب الشيخ باب-، ففرح بذلك ورأى فيه فألا حسنا للمهمة التي جاء من أجلها. فجاء إلى الشيخ سيدي المختار، فسأله ما اسمك؟ قال: سيدي، فقال: هدي، حتى كررها ثلاثا فتفاءل بذلك أيضا. وصادف الشيخ سيدي طائفة من التلاميذ يقرؤون تفسير القرءان على الشيخ سيدي المختار قد وصلوا إلى سورة {قد افلح المومنون} فتفاءل بذلك ورآه الفلاح والظفر بالمطلوب. وانكب عليه أهل الحضرة يتعلمون منه العلوم، ولازم الشيخ سيدي المختار خمسة أشهر أو ستة إلى أن توفي، ثم ساهم في ترشيح ابنه الشيخ سيدي محمد لخلافته. وقال هارون رحمه الله تعالى في كتاب الأخبار أيضا: “وكتب إليَّ الشيخ عبد الله بن سيد محمد بن الداه بن داداه ما لفظه: “وكثيرا ما أسمع الوالد إذا أنشد آخر النونية: “جادت سحائب رأفة الرحمن” من قوله: “إني وإن كنت المقصر”يقول: لما أنشد الشيخ هذه القصيدة للشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار قال له: ستنال ما رجوت كله أو أنا أضمن لك أن ترى ما رجوت كله،الشك مني، ويقول الوالد: وما أخذ عليه الكذب في ذلك فتبارك الله أحسن الخالقين”. والمقطع الذي يشير إليه “الراجل” : إني وإن كنت المقصر أرتجي == بهمُ بلوغ مآربي وأماني وتسنمي من كل فضل قنة == طالت صعود الشيب والشبان وتضلعي من كل علم نافع == وتفجري بينابع الفيضان وتشربي كأس المعارف مترعا == في هيبة وتأنس وتفان وتدرعي درع القبول مجررا == برد التصدر طيب الأردان وحيازتي خصل السباق مجليا == في حلبة النظراء والأقران فهم الجدير جليسهم بسيادة == وسعادة وزيادة وتهان وقد أجازه الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار في جميع ما أجازه فيه والده وكذلك فعل ابنه الشيخ سيدي المختار الصغير، وأجازه كذلك الشيخ سيدي اعمر والشيخ حبيب الله ابنا الشيخ سيدي المختار. قال هارون في خضم حديثه عن رحلة الشيخ سيدي هذه: “وكان محمذ بن منيه بن ألفغ عبيد خاله أيضا الذي رأس أولاد أبييري يسأل عن الشيخ سيدي غاية ويسأل عن سيد المختار ابن أخيه ويقول إنه قال له والد الديماني الذي قد صحبه وتاب إلى الله تعالى معه وصار يبكي من خشية الله: “إن دولة الزوايا مطلقا ودولة أولاد أبيير خاصة ستصلح على يدي واحد من قومكم المتغيبين في طلب العلم”، ويقول منيه إنه يرجو ذلك لابن أخته يعني الشيخ سيدي “، وقال الأستاذ محمد فال بن عبد اللطيف في كتاب أنساب بني أعمر إديقب: عند “ذكر جملة مما أخبر به الولي والد”: “ومنه ظهور الشيخ سيدي الكبير وأنه سيكون لـه شأن عظيم”. ولقد اشتهر كشف والد هذا واطرد، يقول يگوى بن أحمد ميلود الفاضلي الديماني: ووالد القطب الولي المالي :: صحائف الكتب من التوالي مؤتى الخوارق على التوالي :: وما لمأتاهن من منال وقال العلامة مولود بن أحمد الجواد اليعقوبي مشيرا إلى ذلك من قصيدة له: ووالد هل ياتي الزمان بمثله :: أليس بأمثال الفتى بعقيم فيا لك من صدر له كان سالما :: وقلب تحلى بالعلوم سليم. وذكر هارون بن الشيخ سيدي في كتاب الأخبار أيضا أن جده الشيخ سيديا مكث في الحضرة المختارية ستة عشر عاما ثم شد الرحال إلى وطنه، وكان رجوعه إليه أواخر سنة 1242ه أو أوائل سنة 1243ه. ويصف العلامة محمد سالم بن عدود مجيء الشيخ سيدي فيقول: “ورحل الشيخ سيديا إلى هذه البلاد فجاء مجيء المطر الذي ليس فيه رعد يزعج ولا برق يكاد سناه يذهب بالأبصار، فبدأ حياته التي أدركها الناس: المدرسة العلمية والزاوية الإرادية، التي يصورها بقوله -هنا في بوتلميت- في استسقائيته: ولا برحت أرجاك مأوى ذوي التقى :: يقيمون فيها قربة وقنوتا ومخلى به حزب الإرادة يختلي :: نجيا ويدعو جاهرا وخفوتا.. تفجرت ينابيع الحكمة من الشيخ سيدي وكان ينصح مريديه، فيقول لهم: ما ابيض وجه باكتساب كريمة :: حتى يُسوده شحوب المطلب ويقول لهم بلهجة الحسانية: يتْلاميد حد هام يجبر ش ما كط جبر حد إواس ش ما كط وساه حد”، الحكمة المعروفة: “من أراد أن تخرق له العوائد فليخرق العادة بنفسه”، إلى أن يقول: ” كاد يكون الشيخ سيدي أسس دولة هنا: وحد بين الناس وأصلح ذوات البين التي كانت فاسدة وراسل الملوك والأمراء وذهب هو بنفسه في هذه المهام وأوفد ابنه الشيخ سيدي محمد إلى منطقة لكرار (وادي الساقية الحمراء)”. وما ذكر العلامة محمد سالم من سعة علاقات الشيخ سيدي هو ما يعبر عنه العلامة حمدا بن التاه في محاضرته في ندوة الشيخ سيدي المذكورة بقوله: “إن الشيخ سيدي مرجعية نموذجية لمختلف الأبعاد، في العطاء الثقافي والاجتماعي والسياسي في هذا البلد، والذي يقرأ كتاب الشيخ هارون ولد باب ولد الشيخ سيدي والرسائل الصادرة عن هذه الأسرة، يجد أن آفاقها لم تكن محدودة، ليس فقط في اترارزه أو في موريتانيا ولكنها تتجاوز هذه الآفاق إلى أقطار أخرى،وإذا كان الشيخ سيدي محمد يقف في الشمال ليضع حدا من الحدود الموريتانية ويقول: أحمراء السواقي ما ورائي :: الآن غربت أيها الانتشائي فإن الشيخ إبراهيم ولد الشيخ سيدي يضع أيضا لبنة ليحد الحدود الشرقية: ها أنا اليوم بالنوار مقيم :: أي عهد بيني وبين النوارا.” وتحدث العلامة اباه ولد عبد الله عن البعد الإصلاحي للشيخ سيدي في كلمة له بعثها إلى ندوة بتلميت فقال إنه “يعتبر أكبر مصلح بما لكلمة الإصلاح من معنى: إصلاح ذات البين بين الأمراء، والإصلاح بين القبائل المتناحرة، والإصلاح بين الأفراد المنتافرة، وإصلاح النفوس ورياضتها لتنقاد لأمر ربها امتثالا واجتنابا، إلى نشر العلم والفتوى في النوازل النازلة والتآليف البديعة والنصائح القيمة، إلى دماثة خلق وتحمل مشقة عرف بهما في رحلته الطويلة في طلب العلم إلى نصرة المظلوم وإعانة المنكوب والصبر على جفاء الجافي ودفعه بالتي هي أحسن بحيث صار حرما آمنا يلجأ إليه الخائف ويفر إليه الجاني، متعززا بتقوى الله مكتفيا به عما سواه، ويقال من خاف الله خافه كل شيء، حتى صارت سمته على المواشي أمانا لها من اللصوص الناهبين فصار بعض الناس يضعها على مواشيه خوفا عليها. وفي هذا يقول العالم الشاعر أبد بن محمود العلوي يخاطب باب بن الشيخ سيدي محمد: أنسى الورى بلدانهم وغدت لهم == بلدانه سلمى البلاد ومنعجا من لم يخط البا بلوح خطه == يمنى التليل تحصنا مما فجا.” وتوجت جهود الشيخ سيدي الإصلاحية التي ذكر العلامة اباه بانعقاد مؤتمر تندوجة برعايته سنة: ١٢٧٢ه / ١٨٥٦م وحضر المؤتمر أمراء اترارزة ولبراكنةوآدرار وذلك لتنسيق جهودهم وحل خلافاتهم السياسة، كما في المجموعة الكبرى في الفتاوى للدكتور يحي بن البراء. وكان الشيخ سيدي غاية في الإنفاق وحسن القيام بشؤون المجتمع، وفي ذلكيقول الشيخ أحمد بن الأمين العلوي في الوسيط في ترجمته له مع اختصار ما:”” ولم تزل الدنيا تنثال عليه، ويفرقها في الناس، ولم يمض عليه يوم إلا وعنده آلاف من الناس، يطعمهم ويكسوهم، ويقضي جميع مآربهم، حتى لقي الله، ولا يسأله أحد حاجة إلا أعطاه إياها، بالغة ما بلغت، وكان تلامذته يريدون أن يقللوا من ذلك، فما أمكنهم، وسأله يوما شخص حمارا فقال: أعطوه الحمار الفلاني،فقالوا: إنه غائب، فقال: أعطوه الجمل الفلاني، فقالوا: إن الحمار قد حضر،فقال: أعطوه إياهما معا. وجاءه أحد أبناء شيخه، فأعطاه جميع ما يملك من الدنيا، ثم عاد إليه بعد مدة، ففعل ذلك ثلاث مرات”. ولقد أحسن الشعراء في وصف كرم الشيخ سيديا فقال الشاعر سيد عبد الله بن أحمد دامْ الحسني في بائيته الرائعة حين يقول: حارت أناس بجدوى حاتم ولقد :: نرى سخاء كمال الدين قد غلبه من كان يفضل للمعتر إن عرضت :: عزاء تعدو عليه أمه وأبه أحنى على الشعث والأيتام من نصف :: على صغير لها قد أكبرت عطبه أشد عند تمادي أزمة فرحا :: بالمعتفين من العافي بكل هبه يلقى العفاة بوجه من سماحته :: كالهندواني تجلو متنه الجلبه وإن ألم به ضيف فمرتحل :: يثني وكان جميل الظن إذ رغبه وقال الشاعر محمذن ولد السالم الحسني في اللامية المشهورة: وعرجلة من الغرباء شعث :: من اللأواء تجأر كالسعالي جمعتَ على مكللة رداح :: كجابية المخول وفْر مال وملهوف أغثت وذي عيال :: جعلت عياله أحظى عيال وعان قد فككت ومستضيف :: حضأت له الزخيخ على التلال لقد أرخصت في طلب المعالي :: وفي طلب المثوبة كل غال وتصدر على يدي الشيخ سيدي جم غفير من العلماء والمشائخ يعز حصرهم بارك الله، وبلغت مؤلفاته ما يقارب مائة كتاب، ومنها شرح باب الفرائض من مختصر خليل، وشرح تحفة المودود في المقصور والممدود لابن مالك، والنفحة القيوميةبتقرير الآجرومية، وتحفة الأطفال في شرح لامية الأفعال الذي نوه به العالم اللغوي النحوي الحسن بن زين في احمرار لامية الأفعال للإمام النحوي أبي عبد الله محمد جمال الدين بن عبد الله بن مالك: فيه اقتفيت أبا الأنوار سيدنا :: سيدي قطب الرحى بدر الدجى المثلا وكان الشيخ سيدي مولعا باقتناء الكتب، وقد استجلب من سفر له إلى المغرب ما يربو على المائتين من الكتب المفيدة، والتقى في سفره هذا بالسلطان العلوي مولاي عبد الرحمن بمراكش فأكرم نزله لما رأى من غزارة علمه وصلاحه. وللشيخ سيدي ديوان شعر رائق جمعه وحققه الأستاذ عبد الله بن إسماعيل بن أبي مدين، قال الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف في تقديمه له: “ولقد حدثت عن بعض شيوخنا من أهل الصقع الإيكيدي أنه كان يقول: لولا أن لا يصدقني الناس لقلت إن الشيخ سيدي الكبير إن لم يكن أشعر من ابنه الشيخ سيد محمد، فما هو بدونه”. ونحا الشاعر أحمد ولد عبد القادر نفس المنحى حين تحدث في الندوة المذكورة عن شعر الشيخ سيدي فقال: “كان لا يشق له غبار في الأدب والبلاغة والشعر خاصة، وما بالكم بمن يشهد له سدنة الشعر من أمثال محمدو بن محمدي بأنه يتحف رياض الشعر: بقصائد ود العذارى جعلها :: حليا مكان اللؤلؤ المنظوم لقد أدركت في صغري مشائخ محضريين يروون بإسناد متصل عن الشيخ محمدو بن حنبل مثل الشيخ أحمد عبد الكافي ولد يكبر، يقولون إن أساتذتهم متفقون على أن الشيخ سيدي هو حائز قصب السبق في الشعر العربي بين معاصريه بلا منازع ولكنه لحسن حظه وسبوغ فضله لم تقع سمعته ولا صيته ضحية لشعره”. وبعد عمر حافل بطلب العلم والتعليم والتربية والتأليف والإنفاق والإصلاح رحل الشيخ سيدي عن الدنيا في آخر يوم من سنة ١٢٨٤ه عن زهاء مائة سنة، كما ذكر مؤرخ موريتانيا المختار بن حامد في الجزء الثقافي من حياة موريتانيا، ويوافق ذلك سنة 1869م. رحمه الله تعالى برحمته الواسعة. كتبه محمدن ولد امَّد أمين الثقافة بالمنتدى العالمي لنصرة الرسول صلى الله عليه وعلى وآله وصحبه وسلم