مسؤول سابق في اتحادية الصيد ينتقد الاتفاقية الجديدة مع الاتحاد الأوربي

  alt

وقعت موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي ابروتوكول صيد جديد لفترة 4 سنوات (2015 ـ 2019)، وذلك بعد أزيد من 16 شهرا من المفاوضات في جو خلاف، حول تاريخ سريان مفعول البروتوكول السابق 2012 ـ 2014، و كذلك بخصوص استخدام مبالغ العون القطاعي في ابروتوكول 2008ـ2012 المدفوع من طرف الاتحاد الأوروبي.

وقد منح هذا البروتوكول مثل سابقيه حق ولوج أساطيل الاتحاد الأوروبي، لمناطق الصيد الموريتانية، مقابل بعض الشروط. ويقدر أن يكون هذا البروتوكول تطبيقا للاتفاق الإطار الموقع بتاريخ 21 يوليو 2006 فيما بين بلدنا والاتحاد الأوروبي، والمعروف ب”اتفاق الشراكة في قطاع الصيد (َAPP)” والذي تم تمديده حتى غاية سنة 2019. وقد تم بعث إشارات قوية إلى شركائنا الأوروبيين تعرب لهم عن رغبتنا الصارمة في الحصول على اتفاقية أفضل. وهكذا لم نعول في ميزانيتنا على مبلغ التعويض المالي المدرج تقليديا في هذا النوع من الاتفاقيات، لنريهم بذلك أن نفقاتنا العمومية يمكنها الاكتفاء عنه. وحتى أننا “أرغمنا الاتحاد الأوروبي على استبدال رئيس وفدهم المفاوض” (راجع مقابلة رئيس الوفد الموريتاني المفاوض، على موقع “الأخبار” الصادر باللغة العربية). وأخيرا “لم نلن لهم خلال الشهور الستة عشرة للمفاوضات”. وانطلاقا من كل هذا، كان من اللازم أن يتحقق اتفاق جيد أو على الأقل الحصول على تنازلات هامة من طرف شركائنا الأوروبيين. غير أنه للأسف لم يحدث شيء من ذلك إن رجعنا إلى بنود البروتوكول الموقع. فسنعرض إذن فيما يلي، إلى نواقص البروتوكول الجديد، عبر تحليل للعناصر الأساسية التالية: ـ مطابقة البروتوكول الموقع مع مرتكزات الاتفاق الإطار الموقع سنة 2006، ـ مبلغ الإسهام المالي، ـ تفريغ حمولات البواخر في انواذيبو، ـ نسبة اكتتاب البحارة الموريتانيين على متن البواخر الأوروبية، ـ مدة البروتوكول، ـ الإتاوة العينية بنسبة 2%ـ ـ تعميم البنود المالية للبروتوكول على الأساطيل الغير أوروبية.

 

I ـ مطابقة البروتوكول الموقع مع اتفاق الشراكة الإطار (APP) الموقع بتاريخ 21 يوليو 2006 إن أهم النقد الموجه للابروتوكول الأخير الموقع لفترة 2012 ـ 2014، كان انحرافه عن الأهداف الأساسية التي تأسس عليها اتفاق الشراكة الإطار في ميدان الصيد، الموقع فيما بين بلادنا والاتحاد الأوروبي بتاريخ 21 يوليو 2006. ولكي نضع الأمور في إطارها التاريخي، يلزم التذكير بأن الاتحاد الأوروبي، بدافع الضغط من طرف لوبيات منظمات حماية الطبيعة، وكذلك بلاد أوروبا الشمالية، قرر بأن يحول اتفاقيات الصيد التي عرفت إلى حد الساعة بالاتفاقيات التجارية أو اتفاقيات الولوج، إلى اتفاقيات ذات طابع تنموي، والتي أصبحت معروفة باسم “اتفاقيات الشراكة في ميدان الصيد” (APP). ومن أجل تطبيق اتفاقيات الشراكة هذه، يتم اللجوء إلى ابروتوكولات ذات مدة محدودة تكرس تطبيقها. وهكذا قامت بلادنا بتوقيع اتفاق الشراكة الإطار الخاص بها مع الاتحاد الاوروبي، بتاريخ 21 يوليو 2006. وتتمحور أهداف اتفاق الشراكة الإطار حول تطوير قطاع الصيد الموريتاني، خاصة عن طريق الآليتين التاليتين: ـ التمويلات المحصول عليها بموجب العون القطاعي المدفوع من طرف الاتحاد الإوروبي ضمن كل ابروتوكول موقع معه، ـ استثمارات الفاعلين الاقتصاديين الأوروبيين من خلال خلق شراكات، خاصة بموجب إقامة شركات مختلطة، إلخ.. (تنظر المواد 1، 7 و 8 من اتفاقية الشراكة الإطار). وقد تجاهل البروتوكول الأخير (2012 ـ 2014) بصفة نهائية، الآلية الثانية. أما ما يخص الآلية الأولى المتعلقة بالاستثمارات التي يلزم القيام بها في نطاق العون القطاعي، فيجدر بالذكر أن هذا الأخير قد تناقص إلى حد الانعدام تقريبا، بحيث مر من معدل سنوي يبلغ 16 مليونا ومائتين وخمسين ألف أورو في ابروتوكول 2008 ـ 2012، إلى 3 ملايين فقط في ابروتوكول 2012 ـ 2014.، من ضمنها 1 مليون مخصص لحظيرة حوض آركين. أما المليونين المتبقيين فلم يمكن صرفهم بموجب نزاع نشب حول استخدام مبالغ العون القطاعي لابروتوكول 2008 ـ 2012. وقد سلكت الاتفاقية الجديدة تقريبا مسلك سابقتها، متجاهلة الأولويات المتعلقة بتنمية القطاع والتي تم التنويه عنها على سبيل الإشارة فقط: فقد تم بالفعل ذكر استثمار الفاعلين الأوروبيين، لكن لم توضع له أي ترتيبات عملية مثل تلك المنصوصة في ابروتوكول 2008 ـ 2012 (تنظر المواد 6 و 8 من هذا الأخير). أما بخصوص العون القطاعي المعاق بموجب النزاع حول استخدام مبالغ العون القطاعي لابروتوكول 2008 ـ 2012، فقد تم تقليصه إلى حد 4 ملايين أورو للسنة في البروتوكول الحالي، وإخضاعه إلى شروط مجحفة (سنتناول هذه المسألة لاحقا). وملخص القول، أنه منذ توقيع اتفاقية الشراكة الإطار (َAPP) منذ 2006، لم يقم أي فاعل اقتصادي أوروبي بالاستثمار في قطاع الصيد في موريتانيا، كما أنه لم يتم إنجاز أي استثمار حيوي في هذا القطاع بموجب مبالغ العون القطاعي المنوه عنها في البروتوكولات الماضية. وقد بقي البروتوكول الجديد (2015ـ2019) كذلك، اتفاقا ذا طابع تجاري فقط بدون أن يكون اتفاقا تنمويا، وذلك على غرار البروتوكولات التي سبقته. وهذا هو أبلغ نقد يمكن أن يوجه لهذا البروتوكول.

 

II ـ مبالغ الإسهام المالي سنتطرق لدراسة المبلغ المالي الذي ينص عليه البروتوكول عبر مكوناته الثلاث التي هي: ـ التعويض المالي، ـ الإتاوات المدفوعة من طرف أرباب السفن الأوروبيين، ـ العون القطاعي. كما سنقوم بمقارنة هذه المبالغ مع المبالغ المماثلة في البروتوكول الذي سبقه ونستخلص من ذلك بعض النتائج. وقبل أن ندخل في التفاصيل، يلزم بادئ ذي بدء، أن نقدم للقارئ المعطيات الصحيحة المتعلقة بسقوف الإنتاج المسموح بها ضمن البروتوكول الجديد وتلك المقررة بموجب الاتفاق الذي سبقه. وهذا العمل يتحتم نظرا للأرقام المغلوطة المقدمة هنا وهناك. بالنسبة لابروتوكول 2012 ـ 2014، فإن الإنتاج الإجمالي المرخص فيه سنويا كان محددا ب: 326.700 طنا، موزع كالتالي: ـ بواخر صيد أسماك السطح الصغيرة: 300.000 طنا (تتضمن هذه الحصة، 15.000 طنا من أسماك السطح الطازجة)، ـ بواخر الصيد الخاصة بالقشريات أي بواخر الجمبري (باستثناء الجراد البحري والسرطان البحري): 5.000 طنا، ـ البواخر الجرافة الغير مجمدة لسمك النازلي الأسود و بواخر الصيد بالصنارة: 4.000 طنا. ـ بواخر صيد أنواع سمك الدمرسال الأخرى غير سمك النازلي الأسود: 2.500 طنا، ـ السرطان البحري: 200 طنا، ـ بواخر صيد الطن بالشباك الدوارة: 5.000 طنا. ـ بواخر صيد سمك الطن والصيد السطحي بالصنارة: 10.000 طنا. أي ما مجموعه: 326.700 طنا. وبخصوص البروتوكول الحالي، فإن الإنتاج يبلغ: 281.500 طنا للسنة، موزعة كالتالي: ـ بواخر صيد أسماك السطح الصغيرة: 247.500 طنا ( بما في ذلك هامش 10% المسموح به من غير تأثير على التعويض المالي (ينظر الملحق رقم 1 للبروتوكول). وتجدر الإشارة هنا إلى أن انخفاض الإنتاج المسموح به للسطحيات الصغيرة لم ينتج عنه تقليص في عدد البواخر التي بقي عددها على حالته (19) ! ـ بواخر الصيد الخاصة بالقشريات باستثناء الجراد البحري والسرطان البحري (بواخر الجمبري) : 5.000 طنا، ـ البواخر الجرافة الغير مجمدة لسمك الناازلي وبواخر الصيد بالصنارة: 6.000 طنا، ـ بواخر صيد أنواع سمك الدمرسال الأخرى غير سمك النازلي الأسود: 3.000 طنا، ـ بواخر صيد سمك الطن ذات الشباك الدائرية : 12.500 طنا، ـ بواخر صيد سمك الطن بالصنارة، وبواخر الصيد السطحي بالصنارة: 7.500 طنا. أي ما مجموعه 281.500 طنا.

 

فكما نلاحظه فقد تناقص إنتاج السطحيات الصغيرة ذات القيمة التجارية المنخفضة، حيث مرت من 300.000 طنا في البروتوكول السابق إلى 247.500 طنا في البروتوكول الجديد. لكن بالمقابل، فإن إنتاج الأسماك ذات القيمة التجارية المعتبرة (الأسماك الرفيعة)، قد عرف ارتفاعا بالنسبة للبروتوكل السابق، حيث مرت من 26.700 طنا فقي البروتوكول الماضي إلى 34.000 طنا في البروتوكول الجديد، أي ارتفاعا قدره 7.300 طنا.

 

أ‌) انخفاض غير مبرر في التعويض المالي بين البروتوكولين الحالي والماضي يجب التذكير بأن التعويض المالي مبلغ مدفوع من طرف الاتحاد الأوروبي، مباشرة في ميزانية الدولة الموريتانية. يعتبر هذا المبلغ بالفعل، دعما أو إعانة من طرف الاتحاد الأوروبي لأسطوله البحري. ويقوم الاتحاد الأوروبي، بموجب هذا المبلغ بتخفيف حقوق الرخص المرتبة على أساطيله، فيجب أن لا يلتبس بالدعم القطاعي المخصص حصريا لنشاطات خاصة بتنمية قطاع الصيد في موريتانيا. فالمادة رقم 7 من اتفاقية الشراك الإطار الموقعة في 21 يوليو 2006، تنص على العوض المالي الذي يشتمل في نفس الوقت على التعويض المالي والدعم القطاعي. وكذلك الحال بالنسبة للابروتوكولات 2006-2008 و 2008 ـ 2012. لكن بداية من البروتوكول 2012 ـ 2014، فإن مفهوم العوض المالي سيختفي تاركا المجال لمبلغين مستقلين هما التعويض المالي والدعم القطاعي. وقد بلغ المعدل السنوي للتعويض المالي 67 مليون أورو في ابروتوكول 2012 ـ 2014، بينما بلغ في البروتوكول الجيد: 55 مليون أورو، أي مسجلا انخافض بمبلغ 12 مليون أورو. والتبرير المقدم رسميا، هو أن هذا الانخفاض متناسب مع انخفاض الحصص في الإنتاج المرخص الذي مر، كما رأينا سلفا، من ما مجموعه 326.700 طنا في ابروتوكول 2012 ـ 2014، إلى 281.500 طنا في البروتوكول الحالي. ويعتمد هذا التبرير على القاعدة الثلاثية التالية: 67 مليون أورو : 326.700 طنا X 281.500 طنا= 57 مليون وسبعمائة وثلاثين ألف أورو، وهو ما يعادل تقريبا تعويض البروتوكول الجديد (55 مليون أورو). ويبدو لنا أن هذه المقاربة خاطئة، لأن الإنتاج ليس أحادي النوع، وبصفة أخرى، ليس مكونا من نوع واحد من السمك ولكن من عدة أصناف، وحتى أنه مكون من فصائل فرعية من السمك ومتباينة الاسعار. فعلى سبيل المثال السطحيات الصغيرة التي تمثل معظم الإنتاج، تشتمل بوحدها على ثلاثة عينات رئيسية. فالمقاربة الصحيحة، من وجهة نظرنا، يلزم أن تتناول التقييم المالي لحصص الإنتاج بالنسبة للبروتوكولين : 2012 ـ 2014 و 2015 ـ 2019، ومن هنا، تحديد ما إذا كان التعويض المالي في ارتفاع أو انخفاض، لأنه ممنوح مقابل قيمة الإنتاج المسموح به. فيمكن إذا تبعا لذلك انتهاج منهجيتين لحسب مستوى التعويض المالي: أ‌) المنهجية الأولى: حسب التعويض المالي انطلاقا من تقييم ما لي للزيادة الملاحظة في إنتاج السمك ا لرفيع (الطن، إلخ..). وقد رأينا سلفا، بأن الإنتاج المسموح به ضمن البروتوكول الحالي للسطحيات الصغيرة قد انخفض بالنسبة للابروتوكول الماضي، حيث مر من 300.000 طنا إلى 247.500 طنا، أي أنه انخفض ب: 52.500 طنا. ولكن بالمقابل، فقد ارتفع إنتاج السمك الرفيع، حيث مر من 26.700 طنا في البروتوكول الماضي، إلى 34.000 طنا في البروتوكول الجديد، أ ي بزيادة قدرها 7.300 طنا. فيتعلق الشأن هنا، بمعرفة مدى قابلية تعويض زيادة إنتاج السمك الرفيع لانخفاض إنتاج سمك السطح الصغير، في البروتوكول الجديد، ومن هنا، معرفة مستوى انخفاض (أو ارتفاع) التعويض المالي. ولتبسيط المسألة، فسنقوم بحسب ما يقابل 7.300 طنا من السمك الرفيع، من سمك السطح. لذا، ولكي يكون تقييمنا صحيحا، فسنعتبر مبلغ 700 أورو، معدلا لسعر طن السطحيات الصغيرة اعتمادا على حزمة الأنواع المعروف “الصورال ـ الصردينلا ـ الماكريل مع معطيات السوق ومعدل سعر 4000 أورو للطن بالنسبة للاسماك الرفيعة المعتبر انطلاقا من أسعار مختلف العينات على السوق وحصص الإنتاج المرخصة. حيث تم الحصول على النتائج التالية: 7300 طنا x 4000 أورو = 29.200.000 أورو. 29.200.000 أورو: 700 أورو / للطن = 42.000 طنا (من سمك السطح). هذا الحسب يعني أن زيادة 7.300 طنا من السمك الرفيع في البروتوكول الحالي تعادل زيادة 42.000 طنا من سمك السطح. وعليه، فإن الإنتاج من سمك السطح قد يكون إذن في البروتوكول الحالي: 247.500 طنا + 42.000 طنا =289.500 طنا، إذا ما يقارب 300.000 طنا في البروتوكول الماضي، مع بقاء إنتاج الأسماك الرفيعة على حاله. فهذا إذن بعيد من مبلغ 225.000 طنا المشاع. فنقص التعويض المالي إذن بمبلغ 12 مليون أورو لا يجد ما يبرره. فأكثر ما يمكن أن ينقص به التعويض المالي هو مبلغ 3 ملايين أورو تقريبا. وبالعكس كان من اللازم أن تبقى ثابتة إذا ما أخذنا في الحسبان الامتياز الممنوح لسفن الجمبري (التي يصل عددها إلى 25 باخرة)، والمتمثل في الترخيص بسخاء لأول مرة في صيد إضافي من الأخطبوط بنسبة 8% من المنتوج المسموح لها به، وهذا رغما عن توصيات الاستراتيجية الجديدة للصيد المعتمدة من طرف الحكومة سنة 2015، والتي نصت وثيقتها في الفصل المكرس للحفاظ على الثروة وحمايتها، بما يلي: “وهكذا رغما عن تحسن ملاحظ حديثا، فإن مخزونات الأخطبوط خاصة بقت مصدر قلق، حيث أنها موضع استغلال مفرط يقدر ب: 17%”. وزيادة على هذا الإنتاج الإضافي من الأخطبوط بنسبة 8%، فقد حظيت سفن الجمبري في البروتوكول الجديد وللمرة الأولى كذلك، بالترخيص لهم في صيد 5% من سمك السرطان، وزيادة نسبة 5% من سمك الدمرسال. ومن الغريب أن هذه التسيهلات لم يكن لها أي تأثير على التعويض المالي فحسب، بل بالمقابل، فقد نقصت الإتاوة المدفوعة من طرف أصحاب البواخر الأوروبيين، حيث مرت من 600 أورو إلى 400 أورو للطن المصطاد !!! نرى أن منح النسبة الإضافية من الأخطبوط التي قدرها 8%، يعتبر خطأ يوشك أن يفتح ملف الرخويات (الأخطبوط) الذي ظنناه قد تم طيه نهائيا بموجب التوصية المنقذة الصادرة عن البرلمان الأوروبي التي حذرت اللجنة الأوروبية من إبرام أي اتفاق على هذه المصيدة (التي لا يوجد بها فائض)، وهو ما مكن من خروج 32 باخرة صيد رخويات في ابروتوكول 2012 ـ 2014 (تراجع توصية البرلمان الاوروبي بتاريخ 12 مايو 2011، على موقع البرلمان الأوربي: www.euro.parl.europa.eu). وخلاصة القول في هذه النقطة، أننا نرى أنه كان من الأفضل تقليص الإتاوة المرتبة على سفن صيد الجمبري أو إعفاءها نهائيا، بدلا من فتح ثغرة الأخطبوط. ب‌) المنهجية الثانية: حسب التعويض المالي انطلاقا من تقييم مالي للإنتاج المرخص، للبروتوكول الحالي والذي قبله فمن وجهة نظرنا، يمكن اعتبار التقييم التالي: سنعتمد على السعر المتوسط لسمك السطح (انطلاقا من ترابط النوعيات التقليدي: الصورال ـ الصاردينل ـ الماكرل) والسعر المتوسط للسمك الرفيع في البروتوكول الحالي، مراعاة للحصص المرخصة (الجمبري، الطن، إلخ..)، أي إذن 700 أورو / للطن بالنسبة للسطحيات الصغيرة و 4000 أورو / للطن بالنسبة للسمك الرفيع في نفس البروتوكول و 4500 أورو / للطن (بدلا من 4000 أورو/للطن) في ابروتوكول 2012 ـ 2014، نظرا إلى إن إنتاج الجمبري ـ النوع الأفضل تسعرة ـ بالنسبة لترابط العينات في ابروتوكول 2012 ـ 2014، أهم من الترابط النوعي المعتبر في البروتوكول الحالي. وبعد إجراء التقييم المالي لمجموع حصص الإنتاج في البروتوكولين السابق والحالي، نقوم بمقارنته فيهما، ونستخلص من ذلك خفض أو ارتفاع أو ثبات التعويض المالي، المحدد تبعا لكل إنتاج في كل من البروتوكولين. 1 ـ ابروتوكول 2012 ـ 2014 • أسعار السطحيات الصغيرة: 700 أورو/ للطن X 300.000 طنا = 210 مليون أورو • أسعار العينات الرفيعة: 4.500 أورو / للطن X 26.700 طنا = 120.150.000 أورو المجموع العام: 330.150.000 أورو

 

2 ـ ابروتوكول 2015 ـ 2019 • أسعار السطحيات الصغيرة: 700 أورو/ للطن X 247.500 طنا = 173.250.000 أورو • أسعار العينات الرفيعة: 4.000 أورو / للطن X 34.000 طنا = 136.000.000 أورو المجموع العام: 309.250.000 أورو فكان من اللازم أن يكون التعويض المالي المقرر في البروتوكول الجديد إذن: 67 مليون أورو: 330.150.000 أورو X 309.250.000 أورو = 63.000.000 أورو. يؤكد هذا الحساب نتائج المنهجية الأولى. وعليه، فإن التعويض المالي، سواء تم حسبه على أساس الإنتاج المرخص أو انطلاقا من التقييم المالي للإنتاج في البروتوكول الجديد، كان من اللازم أن يكون قريبا من مبلغ 63 مليون أورو وليس 55 مليون أورو.

 

ب) تحديد الإتاوات المدفوعة من طرف أصحاب السفن تبعا لمقاسات مجهولة يقوم أصحاب السفن الأوربيون بدفع إتاوات إلى الدولة الموريتانية، إضافة إلى المبالغ المسددة من طرف الاتحاد الأوروبي بموجب التعويض المالي والعون القطا عي. وتستند هذه الإتاوات، بداية من ابروتوكول 2012 ـ 2014 إلى تقييس على الإنتاج المصطاد وليس تبعا للحمولة الخام للسفينة (TJB) كما هو الحال بالنسبة لابروتوكولات الصيد السابقة وكذلك بالنسبة للبروتوكولات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي وبلدان الأخرى. ويمكن التسديد بموجب الحمولة الخام للباخرة التي هي وحدة قياس الحجم للسفينة، وهو ما يمكن الدولة من تقاضي المستحق مسبقا. أما بخصوص التسديد بموجب الطن المصطاد، فيبقى رهين الإنتاج المصطاد الذي يتوقف كما هو معلوم على ظروف البحر والباخرة. فالتسديد بموجب الحمولة الخام أمر مفروض على البواخر الوطنية منذ 1995 (بموجب المرسوم رقم 95017 بتاريخ 26 مارس 1995). ويمكن أن يكون التسديد بموجب الطن المصطاد مفيدا على مستوى رقابة الثروة السمكية إذا ما تم تفريغ البواخر في الموانئ الوطنية، أو إذا ما امتلكنا وسائل رقابة فعالة في حالة المسافنة عرض البحر. وليست هذه الطريقة مناسبة لبلدنا لأجل أن غالب إنتاج البواخر الأوربية تتم مسافنته في البحر قرب مدينة انواذيبو، ونظرا إلى أن وسائل الرقابة ضعيفة، مما ينتج عنه إمكانية التصريحات المنخفضة بالإنتاج، وأصناف التدليس وكل الاحتمالات الأخرى، إلخ… ولتفادي السقوط كليا تحت تأثير مخاطر التحصيل المتعلقة بتغيرات ظروف الصيد، يمكن إلزام السفن بمبلغ تحصيل أدنى، مثل ثلث الإيرادات المتوقعة، حيث يتم خصمه لاحقا على المبالغ التي تمت تغطيتها نهائيا. ويعتبر مبلغ التحصيل الأدنى بموجب البروتوكول الحالي زهيدا ، بحيث أن السفن لم تعد ملزمة إلا بتسديد 1000 أورو كل ثلاثة أشهر عن كل باخرة بخصوص العينات غير سمك السطح، و 5.000 أورو كل ثلاثة أشهر للسفينة بخصوص عينات سمك السطح. فالإيراد الوحيد المضمون إذن هو المتأتي من هذه المبالغ الثابتة التي تنضاف إليها الإتاوات الثابتة المسددة من طرف سفن الطن وسفن الصيد بالصنارة، أي ما مجموعه 666.200 أورو. وعليه فليس من المضمون أن تستلمه خزانتنا الوطنية من مبلغ 36 مليون أورو المقررة بموجب الإتاوات التي يلزم أصحاب السفن الأوربيون أن يدفعوها، غير 666.200 أورو، ويبقى الباقي مقيسا تبعا لمضمون المثل الموريتاني “ألا الجابت الشبكه”. وعلى سبيل المثال، بالنسبة للبروتوكول السابق، بينما كانت الإيرادات التوقعية المنتظرة بموجب إتاوات أصحاب السفن، تقدر ب: 40 مليون أورو للسنة، فلم تمثل غير معدل 22.300.000 أورو للسنة. ولا يفوتنا هنا رفض الأرقام المنوه عنها هنا وهناك، بخصوص التأثيرات المالية للبروتوكول المنصرم، حيث تم تقديم مبلغ 113 مليون أورو في بعض الأحايين، و تارة أخرى تقديم مبلغ 110 مليون أورو. فهذه الأرقام مغلوطة. فالإسهام المالي السنوي الإجمالي المتوسط لابروتوكول 2012 ـ 2014 كان بالتحقيق 92.300.000 أورو. ويتجزأ هذا المبلغ كالتالي: ـ 67 مليون بموجب التعويض المالي، ـ 3 مليون بموجب العون القطاعي، ـ 22 مليون وثلاثمائة ألف أورو، بموجب الإتاوات المدفوعة من طرف أصحاب السفن الأوروبيين (تبعا لمصدر وزارة الصيد). أما بالنسبة للبروتوكول الحالي (2015 ـ 2019) فيقدر أن يكون إسهامه المالي 79 مليون أورو، يتجزأ كالتالي: ـ 55 مليون بموجب التعويض المالي، ـ 4 مليون بموجب العون القطاعي، ـ 20 مليون بموجب الإتاوات المدفوعة من طرف أصحاب السفن الأوروبيين (مبلغ محصول عليه بموجب تقدير استقرائي للابروتوكول السابق). وملخص القول بخصوص التسديد تبعا للطن المصطاد، نرى أن موريتانيا هي الشريك الوحيد للاتحاد الأوروبي التي عممت هذا النوع من التسديد ـ وقد خاطرت حقيقة فيما يخص تغطية الإتاوات المدفوعة من طرف أسحاب السفن الأوروبيين، نظرا إلى أن غالبية إنتاج السفن الأوروبية ليس مفرغا في الموانئ الموريتانية. ولن ننهي هذا الفصل من غير أن نذكر على سبيل الخصوص الحالة التي يرثى لها بشأن الإتاوات التي تم التعويل على دفعها من طرف 25 باخرة صيد الطن بالشباك الدوارة. فالإتاوة الثابتة المرتبة على بواخر سفن صيد الطن والتسديدات المطالب بها تبعا للطن المصطاد، بموجب البروتوكول الحالي، تشبه السخرية. فنترك للقارئ الحكم بنفسه: ـ إنتاج الطن المرخص سنويا: 12.500 طنا بالنسبة للخمسة والعشرين باخرة (25)، أي بإنتاج 500 طنا للباخرة الواحدة. ـ رقم الأعمال السنوي المتوقع للسفينة الواحدة: 500 طنا x 3000 أورو (السعر المتوسط للطن) = 1.500.000 أورو. ـ الإتاوات التي يلزم دفعها: 1750 أورو للسنة عن كل باخرة + (65 أورو (إتاوة الطن المصطاد) x 500 طنا = 34.250 أورو). هذا المبلغ يعادل فقط: 2.2% (اثنين فاصل اثنين بالمائة) من رقم الأعمال التوقعي (34.250: 1.500.000 أورو X 100)، والدولة الموريتانية ليس من المضمون أن تتقاضى غير 1.750 أورو للسنة عن كل باخرة، فالباقي يتوقف على الإنتاج وتغيراته. فهناك بالتأكيد خلفية التعويض المالي، لكن يبقى مبلغ الإتاوة هذا منخفضا جدا. فبالنسبة لسمك السطح مثلا، يمثل مبلغ الإتاوة 15% من رقم الأعمال التوقعي، وهو ما يمثل نسبة معقولة.

 

ج) عون قطاعي زهيد كما رأينا فيما سلف، يقوم الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى التعويض المالي، بدفع مبلغ مخصص حصريا للاستثمارات في قطاع الصيد. وهذا من أبرز التوجهات الواردة في “اتفاق الشراكة في قطاع الصيد (َAPP)” الموقع سنة 2006 بين بلادنا وهذه المؤسسة. فقد بلغ معدل هذا الدعم، 16 مليون ومائتين وخمسين ألف أورو في ابروتوكول 2008 ـ 2012.(وفي البروتوكول الموقع بين الاتحاد الأوروبي والمغرب الساري مفعوله اليوم، يمثل هذا الدعم مبلغ 14 مليون أورو). وقد تضاءل للأسف هذا المبلغ بالنسبة لنا إلى حد التلاشي منذ سنة 2012 (ابروتوكول 2012 ـ 2014). فقد تقلص فعلا إلى حد مبلغ 3 ملايين للسنة في ابروتوكول 2012 ـ 2014 و إلى مبلغ 4 ملايين في البروتوكول الحالي. ويرجع سبب هذا الانخفاض الجنوني في مبلغ هذا الدعم، إلى خلاف نشب بين الاتحاد الأوروبي والحكومة الموريتانية حول استخدام هذه الأخيرة لمبلغ الدعم القطاعي المخصص في ابروتوكول 2008 ـ 2012. وقد أدى هذا الخلاف كذلك إلى تجميد تسديد الدعم القطاعي لابروتوكول 2012 ـ 2014. فبخصوص البروتوكول الحالي، تم تكريس حزمة إجراءات واردة فيما لا تقل عن 27 فقرة بخصو هذا الدعم القطاعي، لتأطير استخدامه، وهو ما ينم عن جو من عدم الثقة بين الشريكين (تنظر المادة 3 والمادة 10 من البروتوكول الجديد). وحتى أنه تم إنشاء خلية متخصصة لضمان “شفافية” استخدامه وحتى ضمان شفافية استخدام الدعم المخصص بموجب ابروتوكولات 2008 ـ 2012 و 2012 ـ 2014 (تنظر المادة 6.3 من البروتوكول الجديد). ويوشك أن لا تكون مهمة هذه الخلية المنشأة تحت الوصاية المزدوجة لوزارة الصيد واللجنة المختلطة الموريتانية الأوروبية، سهلة، نظرا لتنازعات الاختصاص المحتملة فيما بينهما. فبالتقليص الهام للدعم القطاعي، يتم ضرورة جعل تنمية قطاع الصيد، اهتماما ثانويا، بحيث يتم الابتعاد بموجب ذلك عن توجيهات “اتفاق الشراكة في قطاع الصيد (َAPP)” المبرم في 21 يوليو 2006. فتعتبر بالفعل المبالغ المتفق عليها تافهة مقارنة مع المشاريع الهيكلية التي يحتاج إليها القطاع.

 

III ـ تفريغ الإنتاج في انواذيبو يعتبر تفريغ الإنتاج في انواذيبو عامل تنمية هام بموجب آثاره الضمنية الطيبة على مصانع المعالجة والتخزين، وكذلك على شركات التفريغ وشركات التموين بالوقود… وإذا كان تفريغ الإنتاج في انواذيبو قد بقي إلزاميا بالنسبة للسفن الوطنية منذ 1983، فيعتبر من حيث التطبيق، ثانويا بالنسبة للأساطيل الأوروبية القادرة على تفريغ إنتاجها، إذا ما نظرنا إلى ما خصه البروتوكول الجديد من ترتيبات، نرى أنه أفرغه بموجب ذلك كليا من مضمونه. فقد قسم البروتوكول الجديد الأسطول الأوروبي إلى 3 أصناف: ـ صنف لا يمكنه التفريغ لأسباب فنية (مسحوب ماء البواخر، وكفاءة التخزين المحدودة في انواذيبو)، وهو الحال بالنسبة للبواخر التي تقوم بصيد السطحيات الصغيرة المجمدة التي يمثل إنتاجها 247.500 طنا. ـ صنف يمكنه التفريغ لكن لا يقوم بذلك نظرا لأسباب لم يتم الكشف عنها، وهو الحال بالنسبة لسفن صيد الطن بالشباك الدوارة وبواخر صيد الطن بالصنارة. ـ صنف خاضع لإلزامية التفريغ ولكنه معفى من التخزين والمعالجة: وهي الحال بالنسبة لكل أسطول صيد الدمرسال. لكن التفريغ بدون تخزين الإنتاج ومعالجته لا يمكن أن يعني غير التبرك برصيف الميناء والمغادرة. وهو ما يعني ضرورة، الالتفاف على الآثار الضمنية المطلوبة من التفريغ. وبخصوص تفريغ الإنتاج في الموانئ الوطنية يمكن القول بأنه موضوع قد تراجع فيه البروتوكول الجديد، إذا ما راعينا الأهداف المحددة بموجب اتفاقية الشراكة الإطار (َAPP) المذكورة آنفا. VI ـ نسبة اكتتاب البحارة الموريتانيين استبدل البروتوكول الجديد لفظة “بحارة” بلفظة “صيادين”. ويعتبر استخدام هذا المفهوم الجديد من الغرابة بمكان حيث أن لفظة صياد تعني مفهوما آخر، حيث إن المعاهدات الدولية لا تتكلم فعلا إلا عن البحارة أو عن البحارة الصيادين. فالنسبة التي تمت إشاعتها في البروتوكول الجيد لاكتتابهم ، أي: 60% ، فهي نسبة غير صحيحة، فيجدر بنا أن نقوم بتبيين الأمور بهذا الخصوص. فنسب الاكتتاب المتفق عليها في البروتوكول الجديد هي كالتالي (الفصل XI من الملحق 1). ـ بالنسبة لبواخر صيد الطن بالشباك الدوارة: 1 بحار موريتاني على كل باخرة. فعدد البحارة على هذا النوع من البواخر يقارب 10، وهذا بعيد من نسبة 60%. ـ بالنسبة لبواخر صيد الطن بالصنارة: 3 بحارة موريتانيين على كل باخرة: هنا نسبة الاكتتاب هي 30% تقريبا من طاقم الباخرة. ـ بالنسبة لبواخر صيد الجمبري والدمرسال، فإن النسبة الفعلية هي 60%، لكن باستثناء الضباط. ـ بالنسبة لجرافات سمك السطح، فالنسبة 60%، لكن فقط من العمال المخصصين لمعالجة المنتوج وليس من مجموع الطاقم (الفصل XIـ3.1)، أي إذن 60% من نصف العمال الأجانب تقريبا. فقد تقارب نسبة الاكتتاب هذه 30% من الطاقم الكلي. فقد سجل البروتوكول الجديد هنا تراجعا بالنسبة للبروتوكول السابق الذي قد قرر نسبة 60% من كل العمال على متن الباخرة باستثناء الضباط. (ينظر الفصل XI من ابروتوكول 2012 ـ 2014). ويعتبر هذا الصنف من الصيد الأكثر استخداما لليد العاملة، فيمكن إذن أن نستخلص من ذلك أن مئات فرص العمل الموريتانية سيتم حذفها بموجب البروتوكول الجديد، على البواخر 19 الخاصة بصيد السطحيات المجمدة. وكما نلاحظ، فإن نسبة 60% لم يتم تعميمها على جميع الأساطيل الأوروبية. ومن جهة أخرى، فإن التخلص من الضباط الموريتانيين الذين يعانون اليوم من البطالة بأعادد كبيرة، يبقى غير مفهوم، خاصة أن حضور الضباط وخاصة ضباط الملاحة على متن البواخر الأجنبية يمثل زاجرا لقبطانها الراغبين في التهريب على مستوى العينات والآليات، إلخ… ولا نريد أن ننهي هذا الموضوع من غير أن نتناول موضوع المراقبين العلميين. يعتبر المراقبون العلميون عمالا للمعهد الموريتاني للأبحاث المحيطية والصيد (IMROP) بحيث يتم اكتتابهم على متن البواخر الوطنية والأجنبية قصد تجميع المعلومات الخاصة بالثروة السمكية. ففي ابروتوكول 2008-2012، تلزم كل باخرة أوروبية بأخذ مراقب علمي على متنها. وهذه هي الحال أيضا اليوم بالنسبة للبروتوكول الموقع بين المغرب والاتحاد الأوروبي. وللأسف فإن عدد هؤلاء المراقبين قد تناقص كثيرا في البروتوكول الجديد، ومثل ذلك في البروتوكول الذي سبقه، أي ابروتوكول 2012 ـ2014. فلم يعودوا يكتتبون إلا بعدد مراقبين (2) لكل صنف من الصيد (توجد 7 أصناف من الصيد: بواخر صيد الطن، وبواخر صيد الجمبري، إلخ..). فعددهم اليوم 14، بينما كان من اللازم أن يكون عددهم 96 مراقبا علميا، باعتبار عدد البواخر المرخصة. كما يلاحظ شذوذ آخر، وهو أن هؤلاء المراقين لا يمكنهم أن يصدروا تقريرا إلا بعد ترخيص القبطان الذي يقوم بتعديل التقرير المذكور تبعا لرغبته والمساس إذن بمصداقية عملهم. (ينظر الفصل X، الفقرة 14 من البروتوكول الحالي). والاحتمال الكبير هو أن سبب هذه الوضعية هو الحذر من هؤلاء العمال الخبيرين بأحجام الأسماك المرخصة، وبالمصايد، إلخ… بحيث يمكنهم بموجب ذلك إحراج كل قبطان سفينة راغب في التهريب.

 

V ـ فترة سريان البروتوكول تضمن البروتوكول المنصرم شذوذا خطيرا بخصوص فترة سريانه التي كانت منحصرة في سنتين (2012 ـ 2014). وقد وصفنا هذه الفترة، في المقال الذي كرسنا لهذا البروتوكول والمعنون ب” ابروتوكول الصيد المبرم بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي 2012 ـ 2014: حصيلة غير مربحة ونزاع في المضامين “، بأنها تمثل خطأ فادحا، لأنها لم تكن لتخدم بلدنا لسببين، على أقل تقدير: ـ الرخويات لم تعد مرخصة وبالتالي فإن الثروة الاستراتيجية تمت سلامتها من الخطر (الأوروبي). وبقي معظم الإنتاج إذن خاصا بسمك السطح المهاجر والذي هو الأغلبية المصطادة والذي من مصلحتنا اصطياده لاستخدام الحصص المخصصة لنا بموجب هذه المصيدة. ـ البواخر الأوروبية هي البواخر الأكثر كفاءة ضمن الأساطيل النادرة المجهزة خصيصا لاصطياد هذه الثروة، إضافة إلى أنها تتدخل من خلال إطار ثابت ومنظم. فمن مصلحتنا إذن الاحتفاظ بها لأطول وقت ممكن، وإلا، فإنها ستذهب لتنتشر في مناطق صيد أخرى. فعلى هذا المستوى، قام البروتوكول الجديد بإصلاح الوضعية، برفعه الفترة التعاقدية من سنتين (2) إلى 4 سنوات.

 

IV ـ الإتاوة العينية تمثل هذه الإتاوة، كما نعلم، 2% من الكميات المصطادة من سمك السطح المجمد. وقد تم إحالة هذه الإتاوة من الآن فصاعدا إلى الشركة االموريتانية لتوزيع الأسماك. كما تم تحديد ترابط العينات وصيغة حسبها بدقة في البروتوكول الجديد، خلافا للبروتوكول الذي سبقه. غير أن تطبيق هذا الإجراء يبقى على مستوى التفريغ عن طريق المسافنة ـ والبروتوكول الجديد يعترف بذلك ـ ، يطرح مشاكل حقيقية. ولا نرى أن الإجراءات المقررة بموجب البروتوكول الجديد ستمكن من حل هذه المشاكل. ومن جهة أخرى، وكما ذكرنا في مقالنا المتعلق بالبروتوكول الماضي، فإن هذه الإتاوة تنافس ركيزة صيدنا التقليدي الموجه نحو تموين السوق الداخلي. IIV ـ تعميم بنود البروتوكول الحالي على الأساطيل الغير أوروبية نتذكر تعميم البنود المالية المرتبة على مصيدة السطح الخاصة بالاتحاد الأوروبي، على الأساطيل الغير أوروبية، الذي تم إجراؤه بموجب البروتوكول الماضي والمطبق بموجب التعميم الصادر عن وزارة الصيد رقم 1808 بتاريخ 28 أغسطس 2012، وهو تعميم قد سبب مغادرة عدة أساطيل لصيد سمك السطح (روسيا، بليز، … ). هذا التعميم لا معنى له بحيث إن الاتحاد الأوروبي، من خلال التعويض المالي يدعم أساطيله في واقع الأمر، وبحيث إن البلدان الأخرى لا تتمتع بآليات دعم مماثلة. ويعززالبروتوكول الحالي ويُدعِّم نفس البنود المتعلقة بتعميم الشروط المالية. فتنص المادة الأولى، الفقرة 5 من البروتوكول الجديد على أن ” مجموع الإجراءات الفنية الخاصة بالحفاظ على الثروة واستصلاحها وتسييرها وكذلك الترتيبات المالية، والإتاوة، والمساهمة المالية العمومية وحقوق إخرى مضمنة، المشروطة لمنح ترخيصات الصيد، كما هو محدد لكل مصيدة في المحق 1 من هذا البروتوكول، ستكون مطبقة بالنسبة لكل أسطول صناعي أجنبي ، عاملا في مناطق الصيد الموريتانية تبعا لشروط فنية مثيلة لتلك الخاصة بالأساطيل الأوروبية”. فقد تم صراحة للمرة الأولى، الطلب من الأساطيل الأجنبية بتسديد مبلغ مماثل ل”المساهمة العمومية” (الدعم المالي) المسددة من طرف الاتحاد الأوروبي، وهو غير ممكن ضرورة، لأن حكوماتها ليست مستعدة للوفاء بمثل هذا المبلغ وبأن تمويل ذاتي من طرف هذه الأساطيل بهذا المبلغ سيجعل استغلال سفنهم بالتأكيد غير ذي مردودية. ويذهب البروتوكول أبعد من ذلك لأنه يفرض على الحكومة الموريتانية “شفافية” ـ هنا أيضا ـ في تطبيق هذا التعميم حتى غاية سن بنود تقارب سلب سيادة البلد. فتنص المادة الأولى، الفقرة 6 من البروتوكول الجديد، بأن ” موريتانيا تتعهد بنشر كل اتفاقية عمومية أو خصوصية، ترخص ولوج مناطق الصيد (ZEE) لبواخر أجنبية، وخاصة نشر المعطيات التالية: ” ـ لائحة الدول أو الهيئات الأخرى المشاركة في الاتفاقية، ” ـ الفترة أو الفترات التي تغطيها الاتفاقية، ” ـ عدد البواخر وأنواع الشباك المرخصة. “ـ العينات والمخزونات المرخصة للصيد، بما في ذلك كل سقوف الإنتاج المرخصة، ” ـ إجراءات التصريح بالمتابعة، والرقابة والمراقبة المطلوبة، ـ نسخة من الاتفاقية مكتوبة”. كما تذهب الفقرة الموالية من نفس المادة، أبعد من ذلك ، بحيث تنص: “بهدف تطبيق الفقرات 4 و 5، تقوم موريتانيا، كل سنة بإحالة تقرير مفصل إلى الاتحاد الأوروبي، يحدد عدد رخص الصيد عن كل صنف من المصايد، مسلم للبواخر التي ترفع أعلام دول أخرى، وكذلك الإنتاج المرخص، والإنتاج المنجز فعلا وكذلك الترتيبات المالية والفنية لولوج هذه البواخر إلى منطقة الصيد الموريتانية”. ونظرا إلى أن البروتوكول الموقع مع الاتحاد الأوروبي يتعلق بكل مصايدنا تقريبا، فإننا نجد أنفسنا مكتوفي الأيدي أمام إبرام اتفاقيات مع بلدان أخرى لا يمكنها أن تتعهد بنفس الشروط المالية للابروتوكول المبرم مع الاتحاد الأوروبي. والداهية العظمى في هذه القضية، هو أنه لا يمكن لأي أسطول أن يطلب رخصا لمصيدة فيها حضور أوروبي، نظرا لهذه الظاهرة التي هي تعميم الشروط المالية. وكما أن كل المصايد تقريبا ترتادها السفن الأوربية، فيوشك أن لا نرى بواخر أخرى غير الأوروبية، تهتم بالصيد في مياهنا. وتعتبر الأولوية في ولوج الثروة الموريتانية الممنوحة لأساطيل الاتحاد ا لأوروبي، بموجب المادة 1، الفقرة 4 من البروتوكول الجديد، كافية بنفسها وتعوض “التعويض المالي” إن صح هذا التعبير. أما بخصوص تعميم للشروط المالية إلى الأساطيل الأجنبية، فهو يمثل من وجهة نظرنا، أمرا تعسفيا ومجحفا بمصلحة بلادنا. أما فيما يخص متابعة هذا الإجراء، فإننا نرى أن الأمور كان بإمكانها أن تصاغ بصفة مغايرة لإرضاء شركائنا ولتفادي سن بنود يمكن تفسيرها بأنها تحد من السيادة. فقد كان بالإمكان مثلا، القول بأنه في إطار انتسابها لمبادرة الشفافية في قطاع الصيد، ستقوم موريتانيا بالإعلان عن كل اتفاقيات موقعة في ميدان الصيد، وبأن الاتحاد الأوروبي يمكنه إذن الاطلاع عليها بهذا الموجب. وتجدر الإشارة إلى أن البروتوكول المبرم بين الاتحاد الأوروبي والمغرب والساري المفعول حاليا، لا يتضمن أي بند مثيل للبنود المجحفة التي ذكرنا سلفا، وحتى أنه لم ينص على أولوية ولوج البواخر الأوروبية إلى المياه المغربية. وختاما، فإننا نرى أن البروتوكول الحالي يمثل للأسف، تراجعا بالنسبة للبروتوكول الذي سبقه، وذلك رغما عن المفاوضات الطويلة وربما كانت عصيبة، حيث إن مدة هذه المفاوضات طالت 16 شهرا. غير أنه يظهر لنا أن هذه المدة أطول من اللازم، أحرى إذا كان موضوع هذه المفاوضات لا يتعلق ب… منشآت الطرد المركزي لتخصيب الأورانيوم.

 

فلماذا إذن وصلنا إلى هذه الوضعية ؟ فهل هيأنا كما يلزم هذه المفاوضات بإشراكنا كل الفاعلين العموميين أوالخصوصيين المعنيين بها، مثل : وزارة المالية، البنك المركزي، المنظمات المهنية… ؟ هل قيم بتقييم سابق و لاحق للبروتوكولات ؟ هل تم اللجوء إلى خدمات رجال قانون متمرسين في مفاوضات الاتفاقيات الدولية … ؟ هل تم اللجوء إلى استشارات مكتب دراسات متخصص ؟ هل تم الاستيحاء من اتفاقيات مثيلة خاصة تلك المبرمة مع المغرب والتي يتشابه سياقها مع اتفاقيتنا ؟ نرى أنه لو وجدت كل هذه التساؤلات جوابا إيجابيا، لكان ابروتوكول 2015 ـ 2019 ليس على ما هو عليه اليوم. انواكشوط، بتاريخ: 2 أغسطس 2015 محفوظ ولد ابراهيم اطفيل الأمين العام السابق للاتحادية الوطنية للصيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى