حمى جلفون
صبية الجيران تخشى اسم وزير الصحة اكثر من الحمى التي ترعبنا جميعا، ،سألتها عن السبب فقالت ان كلمة جلفون لاتطمئن سامعها ولاتجعله يحس بالراحة بل انها تعتقد ان الاسم اخطر من الحمى نفسها، صحيح ان اسم الوزير المحترم ليس تقليديا وصحيح انه ابداع لغوي وتدوير جيد للأصل وصحيح انه اسم اسرة محترمة وكريمة>>
الا ان الحقيقة ان الرجل وليس الاسم لم يطمئن ايا من مواطنيه ولم يبذل جهدا للتخفيف من حالة الرعب التي انتابتهم خلال ايام، حتى ان الأمر وصل ببعض الغاضبين الى ان اقتبس للحمى اسما من اسم الرجل، واتهمه الكثيرون بأنه تواطأ مع الوافد المرعب..وهو اتهام ليس في محله طبعا فللرجل ابناء يحرص على سلامتهم.
الأكيد ان بيان وزارة الرجل تأخر كثيرا ثم جاء في الأخير بحمار كما يقال، تناقضات بالجملة واظهار عجز واضح لا محل له ،موريتانيا في العام الفين وخمسة عشر ترسل عينات فحوص مرضاها الى معهد باستور بالسنغال،فرغم عراقة المعهد الا انه كان من المناسب ان يكون لنا معهد اومختبر مماثل خاصة ان عدد المختبرات في انواكشوط لوحدها اصبح لافتا في كمية اغنت عن كيفية لامندوحة منها ولامناص.
منذ نشر موقع تقدمي الخبر الأول عن الموضوع وجهود الوزارة تركز على اقناع الناس بأن المواقع الالكترونية تكذب وأنها لم تقل حقا ابدا،خلال الأيام الأولى كان على كل مواطن ان يقوم بتحقيقاته الخاصة لمعرفة الحقيقة،اتصالات ولقاءات وزيارة للمستشفيات، قمنا بكل ذلك وعلى ارضية مازالت الى اليوم تحت سيطرة حمى اخرى اكثر انسجاما في اسمها مع واقعنا ف”حمى الضنك” ليست غريبة في اسمها على سكان يعيشون في اغلبهم عيشة تحمل ذات الاسم.
خلال بحثي عن حقيقة مايشاع اتصلت بجميع اصدقائي من الأطباء اما ردودهم فكانت تأتي تبعا للانتماء السياسي لكل واحد منهم،المعارض يقول اننا امام وباء بحجم الجدري او الايبولا، اما المساند فيضحك من سؤالي وهلعي:هل تصدق اننانواجه خطرا بحجم حمى الكريمى كونكغو ورئيسنا يرسل البعثات لتنشيط الحوار،هذا غير معقول لو اننا امام حالة واحدة فثق ان الرئيس والوزير لن يناما للحظة ولن يواصل اي مسؤول حكومي عمله “التطوعي” الهادف الى تغيير عقليات بعض المواطنين “المتحجرة”..،لا ..البلاد بخير
ورغم هذين الردين المتناقضين تماما كانت الأخبار تأتي من الداخل وحتى من انواكشوط لتقول اننا امام حالات من الحمى النزيفية القاتلة،وبقينا في هذا التيه الى ان خرجت وزارة السيد جلفون ببيان عجيب فيه تكفل بمريض بعد ان مات وفيه حجز لحالات وصفها البيان بأنها حالات مشتبه فيها نتيجة احتكاك اصحابها بأحد المصابين ثم نعتها لاحقا بأنها لأشخاص يعانون من حمى نزيفية..في البيان ايضا لجنة يقظة مازالت نائمة عمليا حتى وقت كتابة هذه السطور.
باختصار اكره المسؤول اكثر حين يتقاعس في مثل هذه الأمور وما سوى ذلك لايهمني منه،سرقاتهم لاتعنيني تملقهم لعزيز لايهمني،بطشهم بمقدرات البلاد ابتلعه، لكن يهمني ان يدركوا حقيقة ان هذه الأوبئة تلغي العقد الاجتماعي القسري و الذي بموجبه يكون الوزراء وزراء والرئيس رئيسا، ولعل ابلغ ماسمعت وأكثره عفوية هو ما أسر لي به احد الأصدقاء ففي ذروة بحثنا عن حقيقة المرض القاتل قال لي هذا الصديق غاضبا:اقسم بالله العلي العظيم لو ان هذه الحمى قتلت احد أفراد اسرتي فلأملأن من دم القتيل حقنة واحملها في جيبي حتى اصادف الجلفون او العزيز فأغرزها في جسده،ذق مما اذقتنا..
وبعدها سيقوم وزير العدل بعمله وهو سجن المواطنين المظلومين وسيتحدث عني وزير الاعلام الذي يقتضي عمله تبرير ابادة الحاكم للمواطنين…العجيب انه خلال موجة الحمى والخوف كان وزير الصحة يغرس فسيلة كانت في يده لحماية البلاد من زحف الرمال فهذا هو التوجه العام للسلطة الحاكمة ومن هناك من الحزام الأخضر طبعا سيتصل بالأطباء ويستفسر لأنه حريص على صحة مواطنيه.
محمد الأمين محمودي