تعليق سريع على بيان “الأغلبية الرئاسية”
عديدةٌ هي الرسائل الإيجابية التي حملها بيان “الأغلبية الرئاسية” الصادر يوم الجمعة 23 أكتوبر، ولا تتوقف الرسائل الإيجابية على مناسبة إصدار هذا البيان والذي تم إصداره ـ حسب ما قيل ـ
من أجل الرد على التصريحات الإيجابية للرئيس الدوري للمنتدى، ولا تتوقف أيضا الرسائل الإيجابية على توقيت إصدار هذا البيان والذي تم إصداره في يوم جمعة وفي فترة كان من المفترض أن تنطلق فيها المرحلة الثانية من اللقاء التشاوري، ولا تتوقف الرسائل الإيجابية كذلك على الجهة التي تم توقيع البيان باسمها (اللجنة المكلفة بالحوار)، والتي يعد هذا هو أول بيان يتم توقيعه باسمها. لا تتوقف الرسائل الإيجابية في بيان الأغلبية الرئاسية على هذه الجوانب الثلاثة فقط ( المناسبة؛ التوقيت؛ الجهة الموقعة)، وإنما امتدت هذه الرسائل واتسعت حتى وصلت إلى لغة وأسلوب ومضمون هذا البيان الذي يبدو أن من تولى صياغته كان حريصا ـ كل الحرص ـ على أن لا يستخدم في هذا البيان المقتضب إلا الكلمات ذات الشحنة الإيجابية، والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم تفسيرها أو تأويلها بشكل سلبي.
لقد قرأتُ هذا البيان لعدة مرات، وكنت مع كل قراءة جديدة أتوصل إلى نفس الاستنتاج الذي يؤكد بأن “الأغلبية الرئاسية” قد أرادت من بيانها هذا أن تقول بلغة سياسية فصيحة وصريحة : بأنها على استعداد لتستأنف الحوار من حيث انتهى، وبأنها لم تعد متمسكة باللقاء التشاوري ولا بتوصياته ولا بمواعيده.
وفي اعتقادي بأن هذا البيان الإيجابي من “الأغلبية الرئاسية” يستوجب ردا إيجابيا وعاجلا من المنتدى، ومع ذلك فلابد من القول بأن “الأغلبية الرئاسية” أو السلطة الحاكمة لا يكتفى منها بمجرد بيانات إيجابية، وإنما يجب عليها أن تقوم بخطوات عملية وملموسة تؤكد توجهها الإيجابي، على العكس من المنتدى، والذي قد يكتفى منه بأن يعبر عن حسن نيته وعن استعداده للحوار، وذلك لأنه لا يملك ـ على العكس من السلطة ـ غير التعبير عن تلك النية الحسنة وعن ذلك الاستعداد الجدي للحوار.
إن على “الأغلبية الرئاسية” أن تقوم بخطوات ملموسة تؤكد من خلالها بأن ما جاء في بيانها الأخير لم يكن مجرد كلام للاستهلاك السياسي، وإنما هو كلام جاد يعبر عن إرادة صادقة تسعى فعلا إلى تنظيم حوار جدي وشامل يشارك فيه الجميع.
إن على “الأغلبية الرئاسية” أن تعلم بأنها إذا ما كانت جادة وصادقة في بيانها الأخير، فإنها ستجد الكثيرين من داخل المنتدى ومن خارجه سيدعمونها في توجهها هذا، وسيساعدونها في تذليل كل الصعاب من أجل تنظيم حوار جدي وشامل يشارك فيه الجميع. أما إذا كانت غير جادة في بيانها الأخير، وإذا كانت ما تزال على عهدها القديم الساعي إلى تفكيك المنتدى، وإلى جر هذا الشخص المعارض أو ذاك إلى حوار عبثي جديد يزيد من تعقيد الأزمة، فإذا كانت “الأغلبية الرئاسية” ما تزال على ذلك العهد فعليها أن تعلم بأنها لن تنجح في مسعاها، وبأنها ستظل تنتقل من فشل إلى فشل.
على “الأغلبية الرئاسية” أن تحدد هدفها الذي تريد، فإن أرادت حوارا جادا وشاملا فستجد الكثير من الموريتانيين من داخل المنتدى ومن خارجه يعينوها في مسعاها هذا، وإن أرادت أن تستمر في حواراتها العبثية والأحادية فسيكون لها ما أرادت، ولكن عليها أن تعلم بأن يد الساعين إلى الحوار في المنتدى لن تظل ممدودة دائما وأبدا.
لا خلاف على أن الكل سيربح بشكل أو بآخر من أي حوار جدي وشامل سيتم تنظيمه، ولا خلاف كذلك على أن الكل سيخسر ـ وإن بدرجات متفاوتة ـ إذا لم يتم تنظيم مثل ذلك الحوار الجدي، لا خلاف على ذلك، ولكن لا خلاف أيضا على أن الرابح الأكبر من أي حوار جدي وشامل سيكون السلطة الحاكمة، وأن الخاسر الأكبر من عدم تنظيم مثل ذلك الحوار سيكون أيضا هو السلطة الحاكمة، ولذلك فإنه على السلطة الحاكمة أن تبذل الجهد الأكبر من أجل إزالة كل العقبات التي ما زالت تعيق تنظيم مثل هذا الحوار الجدي والشامل، والذي طال انتظاره.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل