حبيب الله أحمد: الرئيس الذي فقد عقله ..!!
الرؤساء ليسوا أشخاصا طبيعيين، ومن الصعب تصديق أنهم يفقدون عقولهم..!! إنهم استثنائيون فكرا ورجاحة عقل، وهم عادة ـ عندنا في إفريقيا والوطن العربي ـ بمثابة “الملك الإله” في أدبيات وتاريخ الفراعنة، حتى أنني أشك في أن الرؤساء من طينتنا، إنهم منزهون عن الكثير من الحماقات التي نرتكبها أسفل كراسيهم نحن العامة .
هل ستصدقون أنه يوجد رئيس إفريقي فقد عقله.؟!! من الصعب أن تصدقوا الأمر، وأنا لن أبذل جهدا لإقناعكم، فالرؤساء “وراثيا” لا يفقدون عقولهم، حتى وإن اكتسبوها بحكم أنهم لابد أن يكونوا عقلاء، وإلا لما جلسوا فوق ملايين البشر وبلا “بردعة” أحيانا كثيرة..!! سأحدثكم عن رئيس فقد عقله، وأمري لله الذي له الأمر من قبل ومن بعد.. الرئيس أتشادي “إدريس ديبى” خرج على النص والسياق فجأة، وعزل أخاه عن قيادة الدرك، وأكثر من ذلك قام بسجنه، ولم يقل لأحد لماذا فعل ذلك.؟!! ولا يمكن لأحد أن يستفسر الرئيس، فالرؤساء لا معقب لتصرفاتهم . لا أريد أن تقعوا تحت تأثير صدمة الخبر، فهل من المنطقي أن رئيسا إفريقيا يعزل صديقه أو يسجنه فكيف بأخيه؟!! أعتقد جازما أن صاحب الفخامة “ديبى” (خلط عليه) فالأمر جلل، لقد جاء شيئا إدا..!! عادة الرؤساء عندنا لا يكون أحدهم رئيسا إلا إذا أطلق يده، ويد زوجته، وابنه، وأخيه، وحماته ،وابن خالته، وخالته، في المال العام، والشأن العام. إن الرؤساء الأفارقة لن يغفروا ل”ادريس ديبى” هذه الحماقة، فلابد أنه يريد أن يفسد عليهم “السوق”، أو يغير طبائع “الشعوب”، لتكتشف أن الرئيس بشر مواطن ككل المواطنين، يعامل أسرته كما يعامل عامة الناس، فإذا كان في الأسرة لص سجنه، وإذا كان فيها مصلح رفعه. في هذه كان “ديبى” نشازا، ويجب أن يسمعها صراحة : “إنك بتصرفك هذا تخالف نواميس الكون كما يراها الرؤساء الأفارقة وتأتي “فاحشة” ما سبقك بها احد منهم” أعرف رئيسا إفريقيا كل أفراد أسرته ينهبون المال العام، عبر منظمات خيرية وهمية ،وعقود توريد، وصفقات مشبوهة، يستوي في ذلك بالغ الحلم منهم، وبالغ اللحد. وأعرف رئيسا عربيا يمكن لأقاربه إطلاق النار في أي مكان يرونه مناسبا، بقالة، أو مغسلة ،او مدجنة..!! وأعرف رئيسا لإحدى دول العالم الثالث يطلق ابنه النار ليصيب فتاة بالشلل، فتبقى طريحة الفراش، بينما يعقد قرانه على أخرى في مراسيم ملكية صاخبة.!! هذا أمر طبيعي، فالشعب وماله للرئيس وأسرته، ولا يجادل في ذلك إلا كذاب معلوم الكذب، كل الشعب على الرئيس حلال دمه وماله وعرضه، لا جدال في ذلك..!! ما الذي أصاب “ادريس ديبى” لا أدرى، ولكن من الأكيد أنه فقد عقله الرئاسي، فكيف يستبدل لقب “صاحب الفخامة” بلقب “صاحب الحماقة” ..؟!! “ديبى” ليس طبيعيا ،وعليه مراجعة طبيب نفسي، أو مشعوذ، أو ساحر عليم ، يخرج منه الأرواح الشريرة التي تتناقض مع الأرواح الطيبة للرئاسة..!! عندما يتعالج ـ ولوفى مستشفى بيرسى الباريسي ـ سيعدل عن قراره ،سيطلق سراح أخيه ،ويعينه وزيرا للدفاع، ويمنحه هيئة خيرية، ويعين كل أبنائه البالغين، وأخواله وخالاته، وعماته في مناصب رفيعة، ولأنهم من الدوحة الرئاسية السنية فلا حاجة لهم بشهادات أو خبرات، المهم أنهم “أهل بيت الرئيس”، وطاعتهم واجبة. على “ديبى” الاعتذار، وإعادة الاعتبار ليس لأخيه فقط، بل لكل أفراد قبيلته، ولن يعجز عن تعيين 180 شخصا منهم في مناصب رفيعة، في أقل من ثلاث سنوات، أما البقية فسيمنحهم امتيازات خاصة وصفقات مربحة، وتوصيات لكل الوزراء بأن يكرموا وفادتهم. على وزير مالية اتشاد أن يمنح لوالد الرئيس قطعا أرضية فورا، وعلى سيدة اتشاد الأولى أن تشتري ما يروق لها من شقق فاخرة في المغرب والإمارات، هذا مالها ومال عبيدها، وما تقوم به هو “تصرف المالك في ملكه” ، أليست زوجة الرئيس ..؟!! لا أحد سيقبل من “ديبى” إذابة أهله في عموم الناس، وما خلق أقارب الرؤساء وأصدقاؤهم إلا لاعتلاء ظهور العامة، وأخذ أموالهم ما ظهر منها وما بطن..!! حتى الاتحاد الافريقي لن يقبل من “ديبى” أقل من الاعتذار لأسرته، وإبعادها عن العامة، والحفاظ على شرفها، حتى وإن عجزت “هابا ـ اتشاد” عن الدفاع عنه، وإلا فعلى “ديبى” الاستقالة، أو مواجهة عقوبات اقتصادية و تدخل عسكري ماحق..!! أساء “ديبى” لتاريخ المؤسسة الرئاسية الإفريقية، وعليه أن يفهم ذلك، ويتراجع عنه، فالرئاسة هي أولا للرئيس، أما الرئاسة والبلد ـ بكل سكانه وخيراته ـ فهما لزوجة الرئيس، وابن الرئيس، ووالد الرئيس، وخالاته، وعماته، وأخواته ـ ولو من الرضاعة ـ ذلك هو ما على “ديبى” آن يفهمه، وان لا يكون نشازا بين زملائه. السجن ليس للرئيس وأهله، السجن للمعارضين والرافضين ،والمستضعفين، أما أهل الرئيس فهم أنبل واشرف حتى من المرور أمام بوابة السجن..!! فهل يعتذر “ديبى” للرؤساء الأفارقة، ويرفع أخاه وأهله مكانا عليا ،ويحافظ لمؤسسة الرئاسة الإفريقية على تاريخها “الأهلي” الناصع والمشرف…؟!! تنمني أن يفعل ذلك، فالخروج على النص لا يليق بالرؤساء الأفارقة، والتصرفات غير”الطبيعية” لا تليق بالرئاسات الإفريقية.
نقلا عن صفحة الكاتب