معارضون سلبيون !!
هناك معارضون نشطون على مواقع التواصل الاجتماعي لم يحدث أن أشاد أي واحد منهم بالمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة يوم تمكن هذا المنتدى من اتخاذ قرارات صعبة وبإجماع : مقاطعة الانتخابات الرئاسية ؛ الاتفاق على وثيقة الممهدات؛ المقاطعة الكاملة لمشاورات السابع من سبتمبر.
إن هؤلاء الذين لم يشيدوا يوما بتمكن المنتدى من البقاء متماسكا منذ تأسيسه وحتى اليوم، ولم يشيدوا يوما بتمكنه من اتخاذ مواقف إجماعية في ظروف صعبة، قد بدؤوا اليوم بتضخيم الخلافات داخل المنتدى، وبانتقاد هذا المنتدى بقسوة، لما ظهرت بوادر خلاف في الرأي داخل أحد أقطابه حول المسألة المتعلقة بالسماح لرئيس المنتدى مع بعض أعوانه بالاجتماع بالوزير الأمين العام للرئاسة للاستماع إلى ما سيقدم هذا الوزير من عروض.. هذا الخلاف الحاصل جعل بعض المعارضين ممن لم يمتدح يوما المنتدى على أي موقف من مواقفه التي كان قد اتخذها بإجماع، والتي كانت في صالح المعارضة الموريتانية وفي صالح ديمقراطيتنا المتعثرة، يسارع اليوم في انتقاد المنتدى، وفي تضخيم خلافاته لما ظهرت بوادر خلاف أتمنى من كل قلبي أن يتم التغلب عليها في يومنا هذا. أليس في مثل هذه التصرفات التي يقوم بها بعض المعارضين النشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من السلبية؟ وهل يمكننا أن نعتبر بأن التجاهل الكامل لمواقف المنتدى الإيجابية، والمسارعة في انتقاد بعض مواقفه السلبية يخدم المعارضة الموريتانية أو أنه سيعجل بإسقاط النظام القائم وبترسيخ الديمقراطية؟ هناك معارضون يخدمون النظام من حيث لا يحتسبون، إنهم يخدمونه أكثر من خدمتهم للمعارضة، والمؤسف أنهم يفعلون ذلك عن غير قصد. إن المنتدى مجمع بكامله على أنه لا حوار من قبل الرد على وثيقة ممهداته، والخلاف الحاصل يتعلق فقط بقبول الاستماع لما سيعرضه الوزير الأمين العام للرئاسة في اللقاء المنتظر، خاصة وأن الوزير الأمين العام للرئاسة كان قد أشار في مكالمته مع رئيس المنتدى إلى إمكانية استئناف الحوار من حيث انتهى. ولقد وافق على دعوة الوزير الأمين العام للرئاسة ثلاثة أقطاب من المنتدى بالإضافة أغلبية القطب الرابع، في حين رفضت الدعوة ثلاثة أحزاب من بين سبعة عشر حزبا في القطب السياسي. إن تماسك المنتدى يجب أن يظل أولوية لدى الجميع، وبما في ذلك أولئك النشطاء الذين يرفعون لواء المعارضة من خارج المنتدى، وإن تماسك المنتدى يفترض أيضا بأن تستجيب الأقلية لرأي الأكثرية، فما دامت هناك ثلاثة أقطاب من المنتدى، بالإضافة إلى أغلبية القطب الرابع قد قبلت باللقاء مع الوزير الأمين العام للرئاسة، فإنه على الأقلية داخل المنتدى أن تستجيب لرأي الأغلبية، وذلك لأنه ليس من العدل ولا من الإنصاف أن نطلب من الأكثرية أن ترضخ لرأي الأقلية، إننا عندما نفعل ذلك نكون قد مارسنا فعلا غير ديمقراطي، ونكون بذلك لا نختلف عن السلطة القائمة في أي شيء، خاصة من حيث فرض رأيها على الجميع. إن القبول باللقاء مع الوزير الأمين العام للرئاسة سيبقى هو القرار الأسلم في اعتقادي، وذلك لعدة أسباب أذكر منها اختصارا: 1 ـ أن هذا اللقاء مجرد لقاء للاستماع، والقبول به لا يعني بأن المنتدى قد تنازل عن المطالبة بالرد على ممهداته، بل على العكس من ذلك فإن المنتدى سيستغل هذا اللقاء ليؤكد بأنه لا حوار من قبل الرد على وثيقة الممهدات.
2 ـ لقد صدرت في الأسابيع الأخيرة عدة إشارات إيجابية من السلطة دون أن يصاحبها أي تنازل ملموس يؤكد جديتها في الحوار. إن ردة الفعل المناسبة على ذلك التصرف هي أن يقدم المنتدى بدوره إشارة إيجابية لصالح الحوار ودون أن يقدم أي تنازل، أي أن يقبل بلقاء الوزير الأمين العام للرئاسة، ودون أن يتنازل عن المطالبة بالرد على ممهداته ..إنه ليس من مصلحة المنتدى أن يقع في الفخ، وليس من مصلحته أن يتصرف بطريقة تجعل الشعب الموريتاني الراغب عن بكرة أبيه في الحوار يعتقد بأن المنتدى هو من يعرقل الحوار. 3 ـ إن الحوار الجدي والشامل هو الخيار الاستراتيجي للمنتدى، ولذلك فإنه على المنتدى أن يفعل كل ما يمكن فعله من أجل حصول مثل هذا الحوار..هذا لا يعني بأنه على المنتدى أن يتنازل عن ممهداته، ولا أن يقبل بأن يشارك في أي حوار عبثي، وإنما يعني بأنه على المنتدى أن لا يشوش على أي إشارة إيجابية يمكن أن تأتي من الطرف الراغب في الحوار داخل السلطة. إن مثل ذلك التشويش سيكون في صالح من يسعى لعرقلة الحوار من داخل السلطة.
4 ـ إن وحدة المنتدى يجب أن تبقى أولوية، وإن القبول بلقاء الوزير الأمين العام للرئاسة ليس إلا مجرد خيار، ونفس الشيء يمكن أن نقوله عن رفض لقائه، ويبقى لكل من الخيارين وجاهته. ولكن ما دامت الأغلبية داخل المنتدى قد اتفقت على أحد الخيارين، فإنه بذلك يتحول تلقائيا إلى الخيار الأمثل الذي يجب أن يقبل به الجميع من أجل أن يظل المنتدى متماسكا وموحدا. ولو أن أغلبية المنتدى كانت اليوم مع رفض اللقاء بالوزير الأمين العام للرئاسة، لطالبتُ في هذا المقال برفض اللقاء به، حتى وإن كنتُ من بين الأقلية التي كانت تطالب بالقبول بذلك اللقاء.
حفظ الله موريتانيا.. محمد الأمين ولد الفاضل