خواطر و تساؤلات حول احتفالات عيد الاستقلال
بعد أن وضعت احتفالات 28 نوفمبر أوزارها و أسدل الستار على الظروف التي صاحبتها، لا بأس أن نورد بعض الملاحظات و التأملات حولها، لعل و عسى!!
– طغت التجاذبات السياسية على تقدير رمزية هذه المناسبة و الموقع الذي يفترض أنها تحتله في قلوبنا جميعا. 28 نوفمبر على الأقل هو اليوم الوحيد، الذي لا عذر لأحد في عدم تقديره و الاحتفاء به. هذا اليوم ليس ملكا لواحد و لا لمجموعة أو جهة أو فئة، هو لنا جميعا معشر الموريتانيين. لا يجوز أن نترك جهة تستأثر به أو تحتكره.
– واصلت وسائل الإعلام الخاصة والعامة، اختزالها 55 سنة من الاستقلال في فترتين فقط، فترة التأسيس من 1960-1978، و الفترة الحالية من أواخر 2008 ليومنا هذا 2015. الفترة الممتدة من أواخر 1978 و حتى انقلاب 6 أغشت 2008 و التي تغطي أكثر من نصف فترة الاستقلال هي في نظر وسائل الإعلام، فترة خارج الزمن بكل ما فيها من وقائع و أحداث لا تزال تفعل بنا و تؤثر فينا إلى اليوم.
– الندوات و البرامج الإعلامية الخاصة بالحدث، و المتعلقة بثنائية المقاومة و المهادنة، طغىت عليها النزعة الانطباعية، و العاطفية، و التعصب الذي يصل أحيانا للتوتر و للتنابز بالألقاب. طغت عليها الحكاية و الرواية الشفهية للأجداد و الأحفاد، و قل فيها التحليل و المرجع العلمي و التاريخ.
– الأناشيد و الأغاني الممجدة للحدث طغت عليها روح اللحظة المنفلتة من سياق الزمان و المكان.
– فقط على قناة الموريتانية تجد أن للنساء أثرا في مواكبة الحدث أو الشهادة عليه، خاصة العسكريات منهن. يكفي أن ترجع لصور العرض غير المباشر و نشرات الأخبار التي تناولته، و حتى صور خلفية الأغاني المخلدة للذكرى، المليئة بالعروض العسكرية، فتجد الحصار المتعمد للمرأة العسكرية على كل القنوات الخاصة. بالمناسبة شكرا لبلوار ميديا على تسجيل و بث اللقطة الجميلة للشرطيات في العرض العسكري، الذي جرى بالأمس في نواذيبو..
– كان العرض العسكري جميلا و محكم التنظيم، على الأقل بالنسبة لنا كمتفرجين من خارج المكان. يدل على أنه بالفعل تم الاستثمار في القطاع العسكري، لكن السؤال الذي سيظل يؤرقنا ما لم نجب عليه، متى سنملك أسباب القوة الحقيقة و الذاتية لنا؟؟ متى سنصنع القطع و التجهيزات العسكرية التي نحتاجها؟؟ متى سنتوقف عن استيراد كل شيء من قطعة القماش التي تسترنا حتى فرشاة الأسنان التي نستاك بها؟؟ متي تصبح لنا مصانع و منتجات؟؟ متى ننتهي من عقلية التجارة و الاستهلاك و الاعتماد على الغير و الترويج لبضاعته؟؟ متى نتصالح مع العقل و الحرية، و نتعهد روح الإبداع و الخلق و الابتكار؟؟ هذه بعض من التساؤلات المشروعة حرية بالتفكير و النقاش، خصوصا في مناسبات كبيرة كعيد الاستقلال و غيره من المناسبات الوطنية الكبرى.
– لا أريد أن أختم على هذه الصورة الضبابية المرتبكة، أريد أن أنهي على لقطة إيجابية، من المؤتمر الصحفي للرئيس و جوابه لسؤال كان يؤرقنا و يشغلنا جميعا، متعلق بإرسال بعض جنودنا إلى اليمن، و إلى أتون حرب لا تعنيهم، و لا يجوز لنا أن نسامح في المخاطرة أو المغامرة بهم فيها. يكفيني الجواب بالنفي الصريح لإمكانية المشاركة في حرب الأشقاء. أريد أن أكتفي بهذا الجواب الشافي.