في انتظار رد الحكومة
في مساء الأربعاء الموافق (09 ـ 12 ـ 2015) نشرت بعض المواقع الإخبارية خبرا مفاده أن الوزير الأمين العام للرئاسة أبلغ الرئيس الدوري للمنتدى بأن الحكومة ترفض تقديم رد مكتوب على وثيقة الممهدات، ومع أن هذا الخبر تم نفيه بسرعة من طرف اللجنة الإعلامية للمنتدى إلا أن ذلك لم يمنع من تداوله بشكل واسع في مواقع التواصل الاجتماعي، ولقد تلقف الكثير من المدونين من معارضي الحوار هذا الخبر بلهفة، فمنهم من اكتفى باستغلاله في دعم حجته الرافضة للحوار ، ومنهم من ذهب أبعد من ذلك فاستغل هذا الخبر للتشفي من ” منتدى المهرولين إلى الحوار”. هذا الجدل الدائر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يستدعي تقديم جملة من الملاحظات :
لعل من أبرزها 1 ـ إن المنتدى لما لبى الدعوة وقبل بلقاء الوزير الأمين العام للرئاسة كان يتوقع واحدا من احتمالين : أن يحصل على رد مكتوب على وثيقة ممهداته، أو أن ترفض الحكومة تقديم ذلك الرد المكتوب، وهذا الاحتمال الثاني إن لم يكن هو الأقوى فإنه بالتأكيد لن يكون هو الأضعف.ولذلك فإن المنتدى ظل يتوقع وفي كل لحظة أن تبلغه الحكومة عن رفضها لتقديم رد مكتوب، ولكن، وحتى وإن أبلغته الحكومة برفضها لتقديم رد مكتوب فإن ذلك لا يعني إطلاقا بأن المنتدى كان قد أخطأ بتلبية دعوة الوزير الأمين العام للرئاسة، بل على العكس من ذلك، فإن ذلك يعني بأنه قد أصاب بتلبية الدعوة، وقد أجبر الحكومة على أن تقدم دليلا إضافيا وقويا على أنها هي من يرفض الحوار لا المنتدى.
2 ـ إن ما مر به المنتدى من خلاف حول تلبية دعوة الوزير الأمين العام للرئاسة لن يؤثر على وحدة وتماسك المنتدى، فمن المفترض أن المنتدى سيعود إلى سابق عهده بمجرد تسلم رد الحكومة، فإن كان رد الحكومة على وثيقة الممهدات إيجابيا فإن ذلك سيعني بأن الأحزاب التي كانت ترفض اللقاء ستلتحق بالأغلبية، وإن كان الرد سلبيا فذلك سيعني بأن الأغلبية في المنتدى ستعود إلى موقف الأحزاب الرافضة للقاء. إن جميع مكونات المنتدى مجمعة على أنها لن تقبل بالحوار ما لم ترد الحكومة بشكل إيجابي على وثيقة الممهدات، وإن جميع مكوناته مجمعة أيضا على أنها لن ترفض الدخول في حوار مع الحكومة إذا ما ردت الحكومة بشكل إيجابي على وثيقة الممهدات. 3 ـ إن الشعب الموريتاني شعب مسالم يطبعه، يحب السلم ويخاف الفتن، ومن الصعب جدا أن تجد مواطنا موريتانيا في شرق البلاد أو في غربها، في شمالها أو في جنوبها، يقول صراحة بأنه ضد الحوار، ولذلك فإن من واجب المنتدى أن يبذل ما في وسعه من أجل إطلاق حوار جدي وشامل بين السلطة والمعارضة، وإن فشل في ذلك فإن من واجبه في هذه الحالة أن يقيم الحجة على السلطة، وأن يثبت للشعب الموريتاني، وبالدليل القاطع، بأن السلطة هي من يرفض الحوار، وإن تمكن المنتدى من إثبات ذلك فإنه بذلك سيحقق مكسبا سياسيا كبيرا، ولن يتحقق هذا المكسب إلا إذا أجْبِرت السلطة على أن تعلن صراحة عن رفضها لتقديم أي رد مكتوب من أجل انطلاق الحوار. 4 ـ إن فشل الحوار سيعني بأنه على المعارضة أن تلجأ من جديد إلى الشارع ، ومن المعروف بأن المعارضة كانت قد استنزفت الكثير من الجهد والمال في مسيرات الرحيل التي لم تحقق من خلالها أي مكاسب سياسية، وهو ما أصاب الكثير من مناضليها بإحباط كبير من الصعب أن يتخلصوا منه في وقت قريب، ولذلك فإن إقناع المناضلين بالعودة إلى الشارع يستدعي من المعارضة أن تقيم الحجة على السلطة، وأن تقدم الدليل لمناضليها بأنها قد استنفدت كل الوسائل المتاحة من أجل إطلاق حوار جدي يمكن من تجاوز الأزمات التي تتخبط فيها البلاد، وأنه لم يعد أمامها إلا الشارع لوقف هذا التدهور الحاصل في البلاد، والذي لم يسلم منه أي مجال، ولا أي قطاع في الدولة. ويبدو أن المنتدى قد قرر فعلا العودة إلى الشارع ابتداءً من يوم الجمعة القادم.
5 ـإن المنتدى لا يرغب في طرح الشروط، ولكن ليطمئن الجميع بأن المنتدى لن يتقدم أي خطوة إلى الأمام في اتجاه الحوار إذا لم يحصل من قبل تلك الخطوة على رد مكتوب وإيجابي على وثيقة ممهداته. وإن حدث وأن شارك المنتدى في حوار من قبل الحصول على ذلك الرد المكتوب فسيكون حينها من حق المدونين، بل ومن واجبهم، أن يصفوه بمنتدى المهرولين.
6 ـ هذه الملاحظة الأخيرة خاصة بالسلطة، والتي عليها أن تعلم بأن دعاة الحوار في المنتدى قد استنفدوا كل ما في وسعهم من أجل جر المنتدى إلى الحوار، ولم يعد لديهم ما يمكن أن يفعلوه إن اتخذت الحكومة قرارا طائشا برفض الرد المكتوب على وثيقة الممهدات. إن رفض تقديم رد مكتوب لا يعني فقط بأن الحوار لن ينطلق، بل يعني أيضا بأنه سيأتي على ما تبقى من ثقة إن كانت قد تبقت ذرة من ثقة بين السلطة والمعارضة. وعلى الحكومة أن تعلم بأنه لن يكون هناك من هو على استعداد لأن يهتم بأي دعوة للحوار ستقدمها مستقبلا، حتى وإن كانت تلك الدعوة دعوة جادة على العكس مما سبقها من دعوات.
إن رفض تقديم رد مكتوب على وثيقة الممهدات سيعني بأنه لم يعد هناك أي أمل في الحوار، وبأنه على الجميع أن يفكر في الخيارات الأخرى، وهو ما يعني بأن السلطة ستخسر، وستكون خسارتها هي الأكبر، وستخسر أيضا المعارضة، وكذلك الشعب والدولة الموريتانية.
إن البديل للحوار لن يكون سوى الانقلاب أو الثورة، ومن الراجح بأن أي انقلاب قادم أو أي ثورة قادمة لن يسلم أي منهما من إراقة الكثير من الدماء.
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل