افتتاح أعمال المؤتمر العام السادس والعشرين لاتحاد الكتاب العرب
افتتح الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع أعمال المؤتمر العام السادس والعشرين للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب أمس في فندق الشاطئ روتانا بأبوظبي بحضور حلمي النمنم وزير الثقافة المصري، والكاتب محمد سلماوي الأمين العام لاتحاد الكتاب العرب، وحبيب الصايغ رئيس اتحاد كتاب وأدباء الإمارات وجمع كبير من رؤساء الوفود المشاركة والكتاب والأدباء ووسائل الإعلام.
قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان في كلمته الترحيبية: «يسعدني أن أرحب بكم جميعاً، أنتم ضيوفنا الكرام، في هذه الدورةِ الجديدة، للمؤتمرِ العام، لاتحادكمِ الموقر، وأن أنقل إليكم جميعاً، تحياتِ أشِقائِكم وإخوانِكم، في بلدِكم الثاني دولةِ الإمارات العربيةِ المتحدة». وأضاف:«اسمحوا لي في البداية، أن أعبِر باسمِكم جميعاً، عن عميقِ الشكر، وفائقِ التقدير، للأخِ الفاضل، محمد سلماوي، الذي أمضى سنواتٍ طويلة، أميناً عاماً للاتحاد، قدم خِلالها، الكثير والوفير، من العطاءِ والإنجازات، لأمتِهِ العربية، ولأبناءِ مِهنتِه، مِن الكتابِ والأدباء، وكان دائماً، نموذجاً مرموقاً، في القيادةِ الواعية، والحرصِ على تنميةِ الثقافةِ العربية، وتأكيدِ مكانةِ الكتابِ والأدباء، في مسيرةِ الأمة، باعتبارهم مصدر إلهامٍ، وإرشادٍ، وحفزٍ، وإِمتاع، مِن خلالِ ما يقدمونه، مِن إنتاجٍ وإبداعاتٍ. كما أشاد بنتاج الأديب الفِلسطينِي الكبير رشاد أبو شاور، الذي حصل على جائزةِ القدس، التي تعبر عن اهتمامِ الاتحاد العام، بقضيةِ العربِ الأولى: قضية فلسطين، ومكانةِ مدينةِ القدس، على وجهِ الخصوص.
وأشاد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان بالبرنامج الثقافي المصاحب لفعاليات الدورة الدورةِ السادسةِ والعشرين، للمؤتمرِ، والذي يضم معرضاً تشكيلياً للفنانة نجاة مكي، والفنان والخطاط تاج السر حسن، وندوةٍ عن الحرياتِ وحقوقِ الإنسان ومِهرجان سلطان بن علي العويس الشِعري، الذي يعدً هذا العام، مِن أكبرِ مِهرجاناتِ الشعرِ العربيِ في العالم. وأكد أن الأمة العربية، بِفِكرِ وإبداعِ أبنائِها وبناتِها، قادرة تماماً، على أن تكون: أمةً قارِئة، وكاتِبة، ومثقفة، وواعِية، لافتاً إلى دور الكتاب والأدباء في تحريكِ الفِكرِ المبدِع، وإثراءِ خيالِ القارئِ والمشاهِد، وترسيخِ مكانةِ القراءةِ والكتابة، والاستماعِ والمشاهدة، في حياةِ الفرد، وحياةِ المجتمع. وأشار إلى دور الكتاب والأدباء في التعبيرِ عن الإنسانِ في المجتمع، وتجسيدِ آمالِه وطموحاتِه وشرح التحدياتِ التي تواجِهه، وتنميةِ الآدابِ والفنون، ونشرِ روحِ الثقافةِ والتفاؤلِ في المجتمع، ومحاربةِ الجهل، واللامبالاة، بين السكان، واستخراجِ المعاني المكنونة، في عالمِ اليوم، وقدراتِهم على استقراءِ آفاقِ المستقبلِ وآمالِه، مضيفاً: «أعتز بِدورِكم، في نشرِ مبادئِ التعايشِ والسلام، في المجتمع دورِكم، في تسليطِ الضوء، على قضايا المجتمع، والمخاطرِ المحيطةِ بالأمة أتذكر دوركم، باختصارٍ شديد، في تحملِ مسؤولياتِكم، في التنميةِ البشريةِ والمجتمعِية، بل وأيضاً، أتذكر اهتمامكم ووعيكم، بواجبِكم المقدس، في تقدمِ الأمة، والعملِ على الارتقاءِ بها، وعلى نحوٍ شامِل».
ولفت إلى دور الكتاب والأدباء في تحقيقِ وحدةِ الفِكر، في جميعِ أقطارِ الأمة، حرصهم على الامتيازِ والتميزِ في العمل، وما يناقِشونه، في إنتاجِهم الفِكرِي، وفي أعمالِهم الأدبية، مِن توعِيةِ الإنسان، والعملِ على دعمِ قدرتِه، على طريقِ الإسهامِ الإيجابيِ والفاعل، في مسيرةِ مجتمعِه ووطنِه وأمتِه. وقال: «إننا في الإمارات العربية المتحدة، نقدِر كثيراً جهودكم، ونعتز بِدورِكم الأصيل، في مسيرةِ المجتمع هذه الدولة، التي أعلن فيها صاحب السمو الوالد، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أن عام 2016، هو عام القراءة، باعتبارِ أن القراءة، والتمرس بِها، هي المدخل الطبيعي والحقيقي للثقافة نحن وللهِ الحمد، دولة تعتز كثيراً، بِأن العمل الفكري والثقافي، له مكانة مرموقة، في مسيرةِ المجتمع، دولة، ترى أن الثقافة، مِن خِلالِ مفهومها الواسع، الذي يشمل: كل ما ينتِجه الإنسان، بِيدِه وقلبِه وعقلِه، هي دائماً، في موقِعِ القلب، في حياةِ الفرد والمجتمع، مشيراً إلى أن دولة الإمارات دولة واعية، تتسِم مسيرتها منذ تأسست وحتى الآن بالحِكمةِ وبعدِ النظر دولة، تذكِر الجميع، بأن الأمة العربية اليوم، وأكثر من أي وقتٍ مضى، بحاجةٍ ماسة، إلى «الحكمة»، لدى الكتابِ والأدباءِ والقراء، في أداءِ دورِ الجميع، في تعميقِ مبادئِ الأمل، والاعتدال، والتعاون، والرخاء، في مسيرةِ الأمة جمعاء». وأضاف:إنه يسرني كثيراً أيضاً، أيها الإخوة والأخوات، أنكم تجتمعون اليوم، في مدينة أبوظبي، إدراكاً مِنكم، لِلمكانةِ المتنامِية، لهذه المدينةِ العالميةِ المرموقة، في عالمِ الفكرِ والثقافة. داعياً الكتاب والأدباء إلى التعرفِ عن قرب، على المرافقِ، والأنشطة، والفعالياتِ الفِكريةِ والثقافية الرائدةِ والمتطوِرة، في هذه المدينةِ العظيمة وعلى الرؤيةِ الثاقبة، لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وليِ عهدِ أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقواتِ المسلحة، التي تركز على أهمية تحقيقِ الحيويةِ والفاعلية، في أنشطةِ الثقافةِ والفِكرِ في الدولة، وهي الرؤية، التي جعلت من أبوظبي، عاصمةً للثقافة، ومركزاً للإشعاعِ والحضارة، ونموذجاً ناجحاً، للنموِ والتقدم، وفي كلِ المجالات. وأكد أن دولة الإمارات نعتبِر الأدب والفِكر والثقافة، أدواتٍ أساسية، في تنميةِ المجتمع، وفي تحسينِ مستوى الحياة، للفردِ والجماعة، بل وأيضاً، في تعويدِ الأفراد، على الإسهامِ والمشاركة، في تحقيق: أهدافِ التنميةِ الشاملة، في كافةِ ربوعِ الوطن. متمنياً للاجتماعات الكتاب والأدباء النجاح والتوفيق في جهودِهم، من أجلِ أن يكون الأدباء والكتاب العرب دائماً، في المقدمةِ والطليعة، في مسيرةِ الأمة، وفي إطارِ عملٍ عربي مشترك: متطوِرٍ ومتجدِد، يجلِب الخير لأوطانِنا، ويحقق لأمتِنا العربيةِ العظيمة: كل الأهدافِ والغايات. وأشاد حلمي النمنم وباستضافة الإمارات لأعمال المؤتمر والدور الكبير الذي تقوم به في خدمة الثقافة العربية في لحظة فارقة من تاريخ الأمة التي تكالبت عليها الأعداء وأحاطت بها الفتن والجماعات الإرهابية المتطرفة من كل مكان. وأشار إلى أن الواقع العربي الراهن يطرح الكثير من التحديات الحرجة في هذا الظرف العصيب، مؤكداً أن الكتاب والأدباء هم الطليعة الذين يناط بهم قيادة الأمة ومواجهة التحديات والمخاطر والدفاع عن القضايا العربية الكبرى، والنهوض بالثقافة العربية واستعادة مكانتها. وشكر النمنم الكاتب محمد سلماوي على الجهود التي قام بها طوال الفترة التي تولى فيها منصب الأمانة العامة، ودوره في الدفاع والمنافحة عن الثقافة العربية المستنيرة وإعلاء صوتها، لافتاً إلى أنه ستجري انتخابات حرة ونزيهة للأمانة العامة للكتاب والأدباء العرب، مؤكداً أن الفائز سيكون الأصلح والأنسب وسيتم التعاون معه بصدق وإخلاص.
واستهل الكاتب محمد سلماوي كلمته بالإشادة بدور الإمارات الثقافي ومكانتها التي أصبحت تتبوأها في المشهد الثقافي العربي، وما تشهده من انتعاش على كافة المستويات والتي تؤسس لنهضة ثقافية واضحة المعالم، لافتاً إلى ما اتسمت به الفترة السابقة والراهنة من التاريخ العربي المعاصر من تحديات حرجة كان من الصعوبة بمكان الحفاظ معها على وحدة الكتاب والأدباء وتماسكهم في ظل التجاذبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عانى منها الوطن العربي، مؤكداً أنه سوف يحسب للأدباء والكتاب تنحية خلافاتهم وتوحدهم خلف الهدف الأكبر والأسمى وهو كيان الوطن ووحدته، إضافة إلى ما تم إنجازه من خطوات غير مسبوقة في تاريخ الاتحاد العام.
واستعرض سلماوي حصيلة الإنجازات التي حققها الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب طوال السنوات الماضية، والتي تتلخص في: تعديل النظام الأساسي واللائحة التنفيذية، إصدار تقرير نصف سنوي عن حال الحريات في الوطن العربي، استحداث بيان ثقافي في ختام اجتماعات المكتب الدائم، تحويل العمل الثقافي من الإدانة والشجب إلى الفعل والتحرك (إقامة جبهة ضد صالون باريس للكتاب، مبادرة غزة، مؤتمر فلسطين)، تفعيل العمل العربي المشترك على مستوى النقابات المهنية، التضامن مع الثورة العربية ومواجهة الإرهاب، تعظيم ميزانية الاتحاد العام، تعلية قيمة جائزة القدس، إنشاء كيان إداري وذاكرة للاتحاد، إنشاء موقع إلكتروني للاتحاد العام، توحيد صفوف الأدباء والكتاب العرب، الاستقلال عن توجهات الدول بما في ذلك دولة المقر، المطالبة بعقد قمة ثقافية، تحقيق نشاط ثقافي معتبر شمل تطوير مجلة الكاتب العربي، ومشروع الترجمة، وإعادة إحياء اتحاد كتاب إفريقيا وآسيا، الترشيح لجائزة نوبل، عقد النشر الموحد. وأكد سلماوي أن ما تم تحقيقه خلال السنوات التسع الماضية، هو قاعدة للبناء عليها في سبيل أن يظل الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب قوياً وفاعلاً، وقائداً للعمل الثقافي العربي، هادفاً إلى خدمة الثقافة العربية والأدباء العرب في كل مكان، كما نثق أنه سوف يتم الإضافة إليه باستمرار في السنوات المقبلة ليظل منارة شامخة للفعل الثقافي العربي. وشكر مراد السوداني باسم الوفود المشاركة الإمارات على استضافتها لأعمال المؤتمر في هذه اللحظة التاريخية العصيبة، مؤكداً أن الاتحاد العام عليه أن يضطلع، كعادته، بهمة عالية ويتحمل الهموم الكبيرة بما يحفظ للمثقفين والمبدعين قدرتهم على العطاء مهما اشتدت الأهوال وهبهبت ريح سموم على الأمة. وأشار إلى أن حرية الفرد ليست بديلاً عن حرية الدولة، بل الأمة التي يجب أن تستعيد عافيتها وأن تعود إلى حقها وحقيقتها وتنتبه إلى أن ثمة غزاة وأعداء يتربصون بها، لافتاً إلى ضرورة إعادة إنتاج نقاط القوة والضوء العالية، لكي لا نقبل ما يدخل على الأمة مما ليس منها، من فتاوي تكفيرية تثير الفتن، مستعرضاً الأوضاع في مصر وسوريا وفلسطين، والاستهداف التي تواجهه الأمة من كل مكان، ودور الكتاب في غمرة هذا الواقع المر. علينا أن نعمل لأن تكون الثقافة قائدة، وأن نتعامل مع إبداعنا بجدية وإتقان
ورحب حبيب الصايغ بالكتاب والأدباء العرب والوفود المشاركين وقال: ليس إلا فخ الشكل يستدرجني لأكون المتكلم باسم الاتحاد المضيف، بينما يتحقق في الحقيقة لا المجاز. أن كل واحد منكم يا زملاء الاتحادات والروابط والجمعيات والأسر يستطيع أن يتكلم باسم المضيف لا الضيف، وهو في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي رحاب اتحاد كتابها.
وأضاف: نجتمع اليوم لنؤكد على أهمية الثقافة وضرورة الكتابة، وأعين المرحلة وتحدياتها كما استحقاقات ورهانات المستقبل، وعلينا أن نعمل، نحن الكتاب، لأن تكون الثقافة قائدة، وأن نتعامل مع إبداعنا بجدية وإتقان، فهذا مجال بذل واعمار.
وقال إن: المؤتمر ينطلق من هذا الوعي، وعي قدرة الثقافة على التغيير، وعلى خلق وقيادة التنمية لا اللحاق بها، ولقد أصبح هذا ممكناً بما تأسس من قبل، خصوصاً في السنوات التسع الأخيرة، التي قاد فيها محمد سلماوي سفينة الاتحاد العام في بحر عاصف من الأحداث والمفاجآت، فأوصلها إلى ضفاف إمكان جديد نستطيع معاً المضي في تحقيقه، ففي العمل الثقافي، وهو تراكمي بطبيعته لا قطيعة مع ما مضى، وإنما يكون البناء على البناء.
وتابع: لنعمل وأمامنا حلمنا الذي قد يشط لكن لا يكون عصياً على التحقق عندما نقدم شرط القيادة الجماعية لاتحادنا العتيد على أي شرط آخر. لنؤسس في هذا المؤتمر ما هو أبعد وأعمق وأصدق، فمهمة الكاتب العربي التأسيس المستمر للمعنى والقيمة، والحرية والحب والحياة، ومهمته أن يقاوم المحاولات المستميتة لتفتيت الدولة الوطنية العربية مروراً بمحاصرة الشعوب وإقصائها، ومهمته أن يتذكر وهو يتصدى لداعش والإرهاب والتيارات الظلامية أن المسألة الوطنية واحدة، مهمته وهو يفعل كل ذلك أن يتذكر ولا ينسى قضيته الأولى، قضية فلسطين.
نقلا عن الخليج