من أجل نجاح حملة “ماني شاري كازوال” / محمد الأمين ولد الفاضل
أكملت حملة “ماني شاري كازوال” شهرها الأول، ودخلت في شهرها الثاني، ونشاطها لهذا الأربعاء، سيكون من بين فاتحة أنشطتها في شهرها الثاني، ولذلك فإن هذا النشاط سيكون من الأنشطة الحاسمة في مسار هذا الحراك. لقد انطلقت هذه الحملة بشكل عفوي، وبوسم جاء أيضا بشكل عفوي (#ماني_شاري_كازوال) .
ولم تكن هذه العبارة هي الأفضل لحراك يسعى لتخفيض أسعار المحروقات السائلة، ولكن، وعلى الرغم من ذلك، فإنها قد أصبحت اليوم بمثابة الماركة التجارية الناجحة، والتي لم يعد بالإمكان التخلي عنها، ولا إبدالها بأي ماركة أخرى. لقد انطلق هذا الحراك بشكل عفوي، ولكنه سرعان ما تمدد واتسع، وذلك بعد أن لقي قبولا لافتا في نواكشوط ونواذيبو والنعمة وازويرات، ونتمنى أن يتسع هذا القبول والاحتضان إلى أن يصل إلى بقية مدن الوطن. ولضمان نجاح هذا الحراك، فإنه على المشاركين فيه أن يبدعوا في الأمور التالية: 1 ـ الإبداع في السلمية: ولا يُقصد بالسلمية هنا سلمية الأنشطة التي ينظمها هذا الحراك، وإنما يُقصد بها أكثر من ذلك، كإفشال محاولات الشرطة التي تقوم بها من حين لآخر من أجل جر هذا الحراك إلى صدامات ومواجهات مع بعض عناصرها. على المشاركين في هذا الحراك أن يُفشلوا مخططات الشرطة في هذا المجال، وعليهم أيضا أن يُفشلوا خطط العناصر التي قد تزرعهم الشرطة داخل هذا الحراك من أجل جره إلى صدام مع عناصرها. إن الدخول في صراع وفي صدام مع الشرطة قد يعطي للحراك زخما إعلاميا ليوم أو ليومين، ولكنه في المحصلة النهائية سيوقف من تمدد هذا الحراك ومن اتساعه، وسيجعله ينكمش على عدد محدود جدا من النشطاء المعارضين الذين تعودوا على الصدام مع الشرطة، وبذلك فإن هذا الحراك سيفقد ميزته الأهم، والتي تتمثل في مشاركة نشطاء من خارج المعارضة في كل أنشطته الاحتجاجية التي نظمها حتى الآن. 2 ـ الإصرار على الاستمرار: لا يعني الإبداع في السلمية التخلي عن أي نشاط تمت برمجته. إن هذه الحملة لن يكتب لها النجاح إلا إذا أصر المشاركون فيها على مواصلة احتجاجاتهم السلمية إلى أن يتحقق مطلبهم الوحيد والمتمثل في تخفيض أسعار المحروقات السائلة بما يتناسب مع التراجع الكبير الذي تشهده أسعار النفط في الأسواق العالمية. إن الحرص على السلمية، وعلى عدم الدخول في صدام مع الشرطة يجب أن يصاحبه مستوى أكبر من الإصرار والعزيمة على تنظيم كل الأنشطة التي تمت برمجتها. إن المعادلة التي يجب أن يتم طرحها هنا تتلخص في الآتي: لا مواجهة مع الشرطة ولا مجال لإلغاء أي نشاط تمت برمجته. هذه المعادلة كانت حاضرة بقوة في الأسبوع الماضي، وذلك عندما قررت الشرطة أن تسبق النشطاء إلى “كارفور مدريد”، وأن تحتل المكان المعهود لتنظيم وقفاتهم. لقد رفض النشطاء أن يدخلوا في مواجهة مع الشرطة، ورفضوا ـ أيضا وبنفس الإصرار ـ أن يتخلوا عن نشاطهم، ومن هنا جاءت فكرة تنظيم سلسلة بشرية خارج دوار مدريد، كفكرة بديلة، ولقد كان هذا النشاط هو النشاط الأكثر نجاحا منذ انطلاق الحملة، ولقد وجد تعاطفا كبيرا من طرف أصحاب السيارات و من طرف المارة. 3 ـ طول النفس : لنجاح هذه الحملة فلابد من طول نفس نضالي، ولابد من المحافظة على مستوى الحماس الذي بدأنا به هذه الحملة. وفي هذا الإطار فيمكن القول، وبكل اطمئنان، بأن السبب الأول في فشل كل الاحتجاجات التي رفعت في وقت سابق مطالب مشروعة ووجيهة هو قصر النفس وفتور الحماس لدى المشاركين في تلك الاحتجاجات. 4 ـ كسر الروتين : إن من الأسباب التي تؤدي إلى فتور حماس المشاركين في الاحتجاجات هو روتينية الأنشطة، ومن هنا تبرز أهمية الإبداع في الاحتجاج من أجل كسر الروتين حتى لا يصاب المشاركون في هذه الحملة بفتور الحماس، أو بقصر النفس الاحتجاجي. 5 ـ عدم تشتيت الجهود: لا خلاف على أننا نعيش في ظرف تعددت فيه المصائب والأزمات، ولا خلاف على أننا بحاجة إلى أن نتحرك على أكثر من صعيد : المخدرات؛ ملف ماسينا؛ الانفلات الأمني؛ تسريح العمال؛ البطالة؛ غياب العدالة الاجتماعية…لا خلاف على ذلك، ولكن علينا أن لا ننسى بأن من أسباب عدم الفاعلية في النضال هو تشتيت الجهود، ولذلك فإن التركيز على المطالبة بخفض أسعار المحروقات دون غيرها من المطالب والقضايا الملحة، لا يعني تجاهلا لتلك القضايا الملحة، وإنما يعني ترشيدا للجهود من أجل تحقيق إنجاز ملموس في واحدة من القضايا التي تهم الجميع، وكلمة الإنجاز قد تعني هنا تخفيض أسعار المحروقات، وقد تعني أيضا في حالة عدم تخفيضها، الكشف عن مستوى جشع النظام القائم، وإظهاره على حقيقته للشعب الموريتاني. إنه لا شيء يمكن أن يربك السلطة الحاكمة في مثل هذا الوقت أكثر من الاستمرار في مطالبتها بخفض أسعار المحروقات، فهي إن خفضت أسعار المحروقات فإنها بذلك ستفقد موارد مالية هامة في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وإن هي أصرت على عدم تخفيضها، فإنها بذلك ستتعرى أمام الشعب الموريتاني، وستظهر على حقيقتها المتمثلة في أنها السلطة الأشد جشعا والأكثر احتيالا في العالم كله.
حفظ الله موريتانيا..