الدح ولد مولود وحقوق التأمين الصحي غير المسددة
سافر إلى المغرب المدير العام السابق للمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية الشخصية المثيرة للجدل الدح ولد مولود، وكان هذا السفر السنة الماضية في شهر رمضان المعظم دون أن يؤمن له صندوق التأمين الصحي مستحقاته اللازمة للعلاج هو وحرمه، رغم الموافقة الشكلية التي لم تصل إلى مرحلة التنفيذ، لكنه صبر وتغاضى ورغم أيضا عدم دعم بعض أصدقائه المقربين في هذه المحنة الصحية الإجتماعية الحرجة، وتجاوز إلى حد ما الورطة الصحية العائلية المؤلمة..
وخف المرض لدى المدير وحرمه، لكن المستحقات بقيت على حساب التأمين الصحي، دون تسديد رغم أحقيتها ورمزيتها، مبلغ 12 مليون أوقية فقط، هو مبلغ زهيد مستحق لصالح شخص موظف لدى الدولة، وإن لم يحتل منصبا ذي بال منذ 2005، ربما عقابا له حسب رأيي الخاص على صلته الوثيقة بالوسط الاجتماعي للرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد ولد الطايع، الذي بقي الدح وفيا له، ووفيا لأقاربه عموما في أمورهم كلها، وكانت المحصلة الإبعاد عن التكليف الرسمي أو الحرمان على الأصح، الذي وصل إلى هذا الحد من تصفية الحسابات بحرمانه من حقه كموظف في التأمين الصحي، وقد يكون في رأي البعض الحد الأدنى من الحقوق وربما الحد الأعلى من الاستهداف باختصار، إلا أن الدح تقرب ربما عن قصد ووعي من النظام الحالي وآزره، خصوصا في الحملة الرئاسية المنصرمة2014، في ظل صاحبه وقريبه محمد ولد عبد الله ولد نويكظ، وفي الأيام الأخيرة تحدث في برنامج “ضيف وقضية” عن حرمة الخروج على الحاكم المسلم عموما، ما لم يظهر كفرا بواحا، وتشبث بعروة الموالاة على ضوء هذه الفتوى الشرعية، والتي يراها ملزمة لجميع المسلمين في سائر الأقطار بغض النظر عن إنتقادهم للأنظمة، بطريقة ودية سلمية دون الخروج عليها، وفي رأي البعض زاد الدح على هذا الموقف بالموالاة المباشرة والتعبير الصريح تكرارا عن دعم الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز ونظامه، وهو أدرى بالأسباب والدوافع. هذا كله لم يشفع له، للحصول على حقه القليل بعد العلاج على حسابه الخاص، في المملكة المغربية الشقيقة، هذا العلاج الذي كلفه جهدا ماليا مرهقا، وقد ذكر في باب العناية المعنوية في هذا المضمار مودة الحاج ماء العينين ولد النور ولد أحمد حفظه الله وأطال عمره في طاعته، وذلك عندما إلتقاه الدح في المغرب في شهر رمضان المبارك، إبان رحلته العلاجية الصعبة. التأمين الصحي يدعي مديره الحالي، أن الدولة عندما تكون جادة في تسديد المعنيين بمثل هذه الحالات تكتب حبرا على ورق ولا تكتفي بالاتصال الهاتفي، كما حصل في حالة الدح ولد مولود الذي يبدو أنه حظي بتوصية وزير الصحة السابق، لدى مدير التأمين الصحي، دون أن يقبل هذا الأخير التنفيذ، لأنه يتحجج بما سبق.
وفي إنتظار حصول هذا الموظف المذكور على هذا الحق الرمزي، وبعد التجاوز النسبي لورطته الصحية هو وحرمه، ندعو من هذا المنبر الإعلامي المستقل الجهات المعنية الرسمية جميعا لضرورة الوفاء بالحقوق لأصحابها، دون استثناء.
وخصوصا أصحاب الحالات الصحية المستعصية، مثل ما أشرنا إليه في هذا المقال.
وتبقى بعض الأسئلة المعلقة، فمتى تفرق وتميز الدولة ونظامها القائم بين حق المواطنة والحد الأدنى من حقوق الموظف، خصوصا في الجانب الصحي ومذهب مذموم غير مبرر في نظر الجميع تقريبا، هو مذهب تصفية الحسابات؟
وهل الغرابة في سلوك البعض منحى إيجابيا أو سلبيا في النهاية، أم هو باختصار نمط بشري سلوكي وعقلي ومزاجي، قد لا يكون بداهة تعبيرا عن فشل كلي أو طيش مستمر، وإنما بقدر ما كان غير مفهوم أو غير مقبول أو مقزز حتى، فهو في نظر البعض في المحصلة طريقة للوصول وبأسرع الطرق أحيانا، لأبعد وأقصى وأصعب المقاصد المشروعة أو غير المشروعة.
قال نزار قباني الشاعر العربي الملهم “فقمة العقل يا حبيبي الجنون”.
ومهما قيل، فالدح ولد مولود موظف وصاحب حق في التأمين الصحي وربما التكليف الرسمي إن كان ذلك لمصلحة الأمة، والمسؤولية عموما تكليف قبل أن تكون تشريفا.