موريتانيا : سؤال الدولة ودولة السؤال / باباه سيد عبد الله
كان الرئيس الموريتاني الرئيس الأوحد الذي جلب وزير ماليته إلى مناورات “رعد الشمال” !!!!!!!!!!!!!!!!! وكان الرئيس الموريتاني الرئيس الأوحد الذي استقبل وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء السعودي ، الدكتور مساعد بن محمد العيبان، فى غياب أعضاء الوفد الموريتاني، والعهدة على برقيات وكالة الأنباء الرسمية.
والدكتور العيبان- لمن لا يعرفونه – هو “مبعوث الأسرار السعودية ومخزنها” كما عرَّفته صحيفة “العرب” اللندنية التي وصفته أيضا بأنه “حامل الرسائل الملكية”. ربما كان الدكتور العيبان محملا برسالة “شخصية” للرئيس عزيز ليس من اللباقة “تسليمها” بحضور مدير الديوان أو وزير المالية أو السفير فى الرياض. وفيما كان “حامل الرسائل الملكية” يجتمع مع الرئيس الموريتاني فى حفر الباطن، كان السفير السعودي فى انواكشوط يُستقبَل تباعا من طرف كل من الوزير الأول ووزير الداخلية ووزيرة الشباب والرياضة. (هنا ربما تمت إثارة الأمور “العامة” فى حفر الظاهر للتغطية على الأمور “الخاصة” فى حفر الباطن). لم تقصر المملكة العربية السعودية الشقيقة يوما فى دعم موريتانيا،حتى فى ظل بعض التصرفات “غير الودية ” التي طبعت العلاقات السياسية بين انواكشوط والرياض، أيام الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله. ودور المملكة فى مساعدة الدول الإسلامية والتضامن معها لا ينكره إلا مكابر جحود، فكم من رئيس دولة (أربعة على الأقل أعرفهم) حج أو اعتمر وجلب معه فى حقائب العودة ما يفك به أزمة رواتب موظفي دولته، أو يقضي به ديْنا حالاًّ لا قِبَلَ لخزينة بلاده بدفعه، أو ينظم به قمة أو مؤتمرا دوليا…أو…). وعلى ذكر تنظيم المؤتمرات بمال خارجي، لا يزال أحد أبناء رؤساء إحدى دول الجوار السابقين يقبع فى السجن بسبب الإثراء غير المشروع من ميزانية مؤتمر دولي، ومن حين لآخر تلوِّحُ أطراف حقوقية برفع دعوى ضد والده (الرئيس السابق) بتهمة الخيانة العظمى. بعض الدول تُختصر فى أشخاص يسألون الدول إلحافا، وتعرفهم بسيماهم (كثرة أسفارهم إلى الموْرد) وتعرفهم فى لحن القول، لفرْط ما ينأون بأنفسهم أن يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف. تلك دولة السؤال التي يُرادُ لنا أن نكون مواطنيها بعدما أكثرْنا من طرح سؤال الدولة !!!! لكننا سنظل نطرحه بحثا عن جواب مقنع يركن إليه العقلاء: هل دولتنا هي نفس الدولة التي يكرر رئيسها صباحا ومساءا أنها قادرة على تمويل برامجها التنموية بمواردها الذاتية؟ وأن خزائن بنكها المركزي لا تكاد تُسَدُّ لتُخمتها بالعملات الصعبة؟ وأن نسبة الفقر والبطالة والجوع فيها لا تُرَى إلا بالمجهر؟ وأنها ليست فقط قادرة على استضافة قمة عربية عادية، بل هي مرشحة لأن تكون أرض “النصب” الذي إليه يُوفض الناس يوم يخرجون من الأجداث سراعا ليُلاقوا يومهم الذي يوعدون. هذه هي دولة عزيز التي ظل يتحدث عنها حتى سكت فجأة عن الكلام!!!! وهذه هي دولة عزيز التي تُسرِّحُ آلاف العمال بعد أن عجزت عن دفع مستحقاتهم. وهذه هي دولة عزيز التي أتى فيها الفساد وسوء التدبير على أخضر الأرض وأزرق البحر وبُنِّي الجبال، وباقي ألوان عملات الهِبة السعودية الأولى وفِدية السنوسي ومُكوس “شهبندر”التجار. إنها دولة عزيز التي تتهاوى أركان اقتصادها كما تتهاوى لعبة من ورق فى وجه عاصفة هوجاء. وهذه هي دولة عزيز التي تم تصنيفها قبل شهرين من طرف مؤسسات ضمان الإئتمان بأنها دولة فى خانة (( الخطر المرتفع)). وهذه هي دولة عزيز التي تتصارع فيها موالاته قبل معارضته لتحديد خلَف له وهو لا يزال حيا “يسعى”. وتلك قصة أخرى من قصص العام الذي فيه يُغاث الناس وفيه يعصرون.