الدول الكبرى تحاول تفادي حصول حرب جديدة بين المغرب وبوليساريو
بدأ ملف نزاع الصحراء يأخذ اهتماما خاصا في أجندة الدول الكبرى نتيجة الخلاف الكبير الحاصل بين المغرب والأمانة العامة للأمم المتحدة، إذ من المنتظر حصول مبادرات جديدة ومعالجة مختلفة نهائيا عن الآليات التي سادت في الماضي من حوار ومفاوضات مباشرة وغير مباشرة على قاعدة حل متفق عليه بين الطرفين لتفادي عودة الحرب.
ويعود هذا الاهتمام الممزوج بالقلق إلى التطورات السلبية التي يشهدها النزاع، ومنها المواجهة اليومية عبر البيانات الإعلامية بين الأمانة العامة للأمم المتحدة والمغرب، إذ يحاول كل طرف تحميل الآخر مسؤولية الأزمة الحالية. وانفجرت هذه الأزمة في أعقاب زيارة بان كي مون إلى إسبانيا وموريتانيا والجزائر ومخيمات تندوف ومنطقة بئر لحلو في الصحراء الغربية بداية الشهر الجاري، حيث وصف الوجود المغربي في الصحراء «بالاحتلال» وعدم تراجعه عن هذا المصطلح. وهذا دفع بالمغرب إلى ردود فعل عملية منها تقليص بعثة «المينورسو» في الصحراء. ولم يسبق تسجيل مواجهة من هذا النوع بين دولة والأمانة العامة للأمم المتحدة طيلة العقدين الأخيرين، ولهذا هناك حرص كبير من أعضاء مجلس الأمن على احتواء الأزمة. وهكذا، فوسط النزاع بين المغرب والأمانة العامة، يحاول مجلس الأمن الدولي الذي يعيش انقساما بسبب الصحراء التوفيق بين الطرفين والدفاع عن ضرورة استمرار قوات المينورسو في الصحراء وعودة المطرودين إلى الصحراء. ويقيم أغلبية المراقبين من بعثة المينورسو في جزر الكناري الإسبانية قبالة شواطئ الصحراء الغربية. وينقسم مجلس الأمن إلى قسمين في هذا الملف حسب المعطيات التي حصلت عليها جريدة «القدس العربي» من مصار عليمة بالملف ومقربة من الأمم المتحدة، دول تميل إلى المغرب وعلى رأسها فرنسا والسنغال وانضافت لها اليابان، ودول تنتقد المغرب وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفنزويلا، بينما تبنت دول أخرى موقف الوسط ومحاولة التوفيق بين الجميع وهي روسيا والصين. ووفق معلومات حصلت عليها صحيفة «القدس العربي» من المصادر المذكورة فإن «بان كي مون قد يقدم تقريرا يعلن فيه صعوبة التوصل إلى اتفاق في النزاع في الوقت الراهن في ظل الآليات والتصور الحاصل، وبالتالي الانتقال إلى تصور جديد». ويجري الحديث عن تصور يعتمد الارتباط الحر على شاكلة الكومنولث، وإن لم يصل إلى الدرجة نفسها من الاستقلالية، وبالتالي العمل على تجاوز مبدأ تقرير المصير الذي تؤكد عليه البوليساريو ومقترح الحكم الذاتي الذي يقدمه المغرب. وسيترك الأمين العام الحالي ملف النزاع في يد خلفه، كما سيتأثر الملف بالإدارة الأمريكية المقبلة التي ستفرزها الانتخابات نهاية السنة الجارية. في الوقت ذاته، ينتظر نهاية مهمة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في النزاع، الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس. ووسط هذه التطورات لا يمكن استبعاد أن يتضمن التقرير المقبل لبان كي مون انتقادات للمغرب بسبب الخلاف القائم بينهما. وبغض النظر عن هذه الانتقادات، فهاجس مجلس الأمن في بلورة القرار الذي سيصدره سيحرص أساسا على هدفين، الأول هو جعل المغرب يقبل بعودة الشق المدني لبعثة المينورسو، والهدف الثاني هو طمأنة «جبهة البوليساريو» من جدية البحث عن حل للنزاع بدل استمرار الوضع القائم، وذلك لجعل الجبهة تبتعد عن خيار الحرب. وتعرب أكبر من عاصمة دولية مهتمة بنزاع الصحراء خاصة القريبة من منطقة المغرب العربي، وفق معطيات حصلت عليها «القدس العربي» وكذلك في الأمم المتحدة، عن قلقها الشديد من احتمال انفلات الوضع الحالي في نزاع الصحراء من السيطرة السياسية إلى استئناف «البوليساريو» الحرب. ونشر المغرب قوات عسكرية مكثفة شرق الصحراء بالقرب من الجدار الذي شيده في الثمانينات وجعل قسما من الصحراء خارج هذا الجدار. كما نشرت جبهة البوليساريو قوات بالقرب من الجدار في منطقة بئر لحلو بعدما أعلنت حالة استنفار. وبالتالي، فكل خطأ أو هفوة في التقدير قد يقود إلى حرب تنضاف إلى التوتر في شرق المغرب العربي، تونس وليبيا. وإذا حدث هذا السيناريو، الذي يستمر ضعيفا ولكن غير مستبعد نهائيا، وقتها ستكون قرارات الأمم المتحدة مختلفة لأن الهدف هو وقف إطلاق النار والبحث عن حل لنزاع عمّر أكثر من خمسة عقود. القدس العربى